البنتاغون سيتبع نهجًا أكثر هجومية في شن ضربات إلكترونية ضد الصين

قال مسؤولون كبار في إدارة ترامب إن البنتاغون سيتبع نهجًا أكثر هجومية في شن ضربات إلكترونية ضد الصين.
من جانبها، واصلت بكين استغلال وصولها الاستثنائي إلى شبكات الاتصالات الأمريكية، وهو اختراق منفصل يُنسب إلى عملية “إعصار الملح” (Salt Typhoon)، بحسب ما قاله مسؤولون ومشرعون أمريكيون.

وتخطط الإدارة الأمريكية أيضًا لتسريح مئات من موظفي الأمن السيبراني ضمن عملية خفض وظائف واسعة النطاق، كما أقالت الأسبوع الماضي مدير وكالة الأمن القومي ونائبه، مما أثار مخاوف لدى بعض المسؤولين الاستخباراتيين والمشرعين من أن الحكومة ستضعف في الدفاع ضد الهجمات.

ويقول المسؤولون إن استهداف القراصنة الصينيين للبنية التحتية المدنية في السنوات الأخيرة يمثل أحد أخطر التهديدات الأمنية التي تواجه إدارة ترامب.

جدير بالذكر أنه في قمة غير مسبوقة بجنيف مع إدارة بايدن المنتهية ولايتها، صدم إشعار أول من نوعه المسؤولين الأمريكيين، الذين اعتادوا على سماع نظرائهم الصينيين يلقون باللوم في الحملة، التي أطلق عليها الباحثون الأمنيون اسم “إعصار فولت” (Volt Typhoon)، على جماعات إجرامية، أو يتهمون الولايات المتحدة بامتلاك خيال مفرط.

وكان المسؤولون الأمريكيون قد كشفوا العام الماضي تحذيرات غير معتادة الشدة بشأن حملة “إعصار فولت”، ونسبوها علنًا إلى بكين، متهمين إياها بمحاولة إيجاد موطئ قدم في شبكات الحاسوب الأمريكية لتمكين جيشها من شن هجمات إلكترونية مدمرة بسرعة في حال نشوب صراع مستقبلي.

كانت ملاحظات المسؤول الصيني خلال اجتماع ديسمبر غير مباشرة وغامضة إلى حد ما، لكن غالبية الوفد الأمريكي الموجود في القاعة فسروها على أنها بمثابة إقرار ضمني وتحذير للولايات المتحدة بشأن تايوان، وفقًا لما قاله مسؤول أمريكي سابق مطلع على الاجتماع.

ومنذ ذلك الاجتماع، تدهورت العلاقات بين واشنطن وبكين إلى مستويات جديدة من الانحدار، في ظل حرب تجارية تاريخية.
وفي بيان، لم تعلق وزارة الخارجية على الاجتماع، لكنها قالت إن الولايات المتحدة أوضحت لبكين أنها “ستتخذ إجراءات ردًا على الأنشطة السيبرانية الخبيثة للصين”، ووصفت عمليات الاختراق بأنها “من أخطر وأشد التهديدات المستمرة للأمن القومي الأمريكي”. ورفض مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض التابع لإدارة ترامب التعليق.

ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على أسئلة محددة بشأن الاجتماع، لكنها اتهمت الولايات المتحدة “باستغلال قضايا الأمن السيبراني لتشويه سمعة الصين ونشر معلومات مضللة عن ما يسمى بالتهديدات الإلكترونية”.

وخلال الاجتماع الذي استمر نصف يوم في جنيف، أشار وانغ لي، المسؤول السيبراني البارز في وزارة الخارجية الصينية، إلى أن الهجمات على البنية التحتية جاءت نتيجة للدعم العسكري الأمريكي لتايوان، الجزيرة التي تعتبرها بكين جزءًا من أراضيها، بحسب ما أفاد به مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون مطلعون على المحادثة.

وقال المسؤولون الأمريكيون إن وانغ وغيره من المسؤولين الصينيين لم يصرحوا مباشرة بأن الصين مسؤولة عن الاختراقات. لكن الحاضرين الأمريكيين وآخرين اطلعوا لاحقًا على الاجتماع اعتبروا التعليقات تأكيدًا لدور بكين، ورسالة تهدف إلى تخويف الولايات المتحدة من التدخل إذا اندلع صراع في مضيق تايوان.

حضر الاجتماع الرفيع نحو 12 ممثلًا من كلا البلدين، بمن فيهم كبار المسؤولين من وزارة الخارجية، مجلس الأمن القومي، البنتاغون، ووكالات الاستخبارات الأمريكية، ولم يتم الإبلاغ عن الاجتماع من قبل. وقاده نيت فيك، الذي كان يشغل منصب السفير العام لشؤون الفضاء السيبراني والسياسة الرقمية في إدارة بايدن، وفقًا لما ذكره المسؤولون.

وفي جنيف، جاءت تعليقات وانغ بعد أن شددت الولايات المتحدة على أن الصين لا تبدو مدركة لمدى خطورة التمركز المسبق في البنية التحتية المدنية الحيوية، ومدى اعتبار الولايات المتحدة لهذا الفعل بمثابة عمل حربي، حسبما قال مسؤول أمريكي سابق.
بالإضافة إلى ذلك، أرادت إدارة بايدن أن تبث شكوكها في أن القيادة السياسية والعسكرية الصينية، بمن فيهم الرئيس شي جين بينغ، كانوا على علم كامل بأنشطة القراصنة، بحسب المسؤول.

وقد تم إحاطة كل من البيت الأبيض في عهد بايدن وفريق ترامب الانتقالي بتفاصيل الاجتماع، وحصلوا على ملخصات تفصيلية لاحقًا، حسبما أفاد به الأشخاص المطلعون.

وجاءت قمة جنيف وسط سلسلة من الفضائح حول مدى اتساع وشدة عمليات “إعصار الملح” الصينية ضد شبكات الاتصالات الأمريكية، بما في ذلك شبكات AT&T وفيرايزون. وقد سمحت هذه الحملة للقراصنة العاملين لصالح وزارة أمن الدولة الصينية بالتجسس على المكالمات والرسائل النصية غير المشفرة لعشرات كبار المسؤولين الحكوميين والشخصيات السياسية، بمن فيهم أعضاء في الحملات الرئاسية لدونالد ترامب وكمالا هاريس.

وبينما تم إثارة هذه القضية أيضًا خلال اجتماع جنيف، إلا أنها أُجلت إلى حد كبير للتركيز على الاختراقات المنفصلة للبنية التحتية المدنية الحيوية التي نفذتها “إعصار فولت”، لأن هذه الاختراقات تُعتبر استفزازًا غير مقبول، حسبما قال المسؤولون. في حين أن اختراقات شبكات الاتصالات تُعد فشلاً استخباراتيًا تاريخيًا، إلا أنها تعتبر أشبه بالتجسس السيبراني التقليدي الذي تقوم به الولايات المتحدة أيضًا ضد خصومها.

وقال داكوتا كاري، الخبير في الشؤون الصينية بشركة الأمن السيبراني SentinelOne، إنه من المرجح أن يعترف مسؤول صيني بهذه الاختراقات حتى في جلسة خاصة فقط إذا تلقى تعليمات بذلك من أعلى مستويات حكومة شي جين بينغ. وأضاف أن هذا الإقرار الضمني مهم، لأنه قد يعكس رؤية في بكين بأن الصراع العسكري الأكثر احتمالًا مع الولايات المتحدة سيكون حول تايوان، وأن هناك حاجة لإرسال إشارة أوضح بشأن مخاطر التدخل إلى إدارة ترامب.

وقال كاري: “تريد الصين من المسؤولين الأمريكيين أن يعرفوا أنهم بالفعل يمتلكون هذه القدرة، وهم مستعدون لاستخدامها”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.