تقترب الانتخابات الرئاسية الأمريكية من الانعقاد والمقرر حدوثها في 5 نوفمبر 2024، حيث يتزايد القلق داخل معسكر الديمقراطيين، وسط استطلاعات تُظهر سباقًا متقاربًا بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب.
ورغم تقدم هاريس الطفيف في بعض استطلاعات الرأي، إلا أن انعدام الثقة يسود بين أنصارها، بينما يظهر الجمهوريون ثقة ملحوظة في فرص ترامب، مما يعكس انقسامًا نفسيًا وسياسيًا في المشهد الانتخابي.
وأظهرت استطلاعات حديثة، منها استطلاع أجرته “ذا غارديان”، تفوقًا ضئيلًا لهاريس بنسبة 47% مقابل 46% لصالح ترامب، مما يُشير إلى سباق متقارب جدًا، لكن القلق بين الديمقراطيين يتزايد، مع إعراب بعض القادة عن مخاوفهم بشأن احتمالات خسارة هاريس، رغم الأرقام التي تدعم موقفها الحالي.
هذا التوتر ينبع جزئيًا من تصريحات هاريس القوية التي تحذر فيها من مخاطر عودة ترامب للحكم، مشيرةً إلى أنه يمثل تهديدًا للفاشية والديمقراطية.
التوتر لدى الديمقراطيين لا يرتبط فقط بالأرقام، بل أيضًا بالمشاعر والانطباعات العامة عن الانتخابات، فقد أظهرت بيانات أن نسبة تصل إلى 52% من مؤيدي هاريس ستشعر بالغضب في حال فوز ترامب، مقابل 42% فقط من مؤيدي ترامب الذين سيشعرون بالغضب في حال فوز هاريس.
هذه الفجوة في مشاعر الغضب قد تزيد من توتر الديمقراطيين الذين يرون في الانتخابات تحديًا لمستقبل البلاد.
وفي المقابل، تسود ثقة عالية بين أنصار ترامب، فعلى الرغم من تصريحاته المثيرة للجدل وتهديداته بسجن خصومه، إلا أن جمهوره يظل متحمسًا ويدعم بقوة ترشيحه.
ويتحدث الجمهوريون عن خطط لسياسات العام المقبل ومناصب حكومية محتملة بقدر من الثقة يجعلهم يظهرون أقل قلقًا مقارنةً بالديمقراطيين.
هذه الثقة ليست فقط انعكاسًا للدعم الشعبي، بل تأتي من اعتقاد الجمهوريين بأن ترامب قادر على استعادة العديد من الولايات المتأرجحة التي ستكون حاسمة في تحديد مسار الانتخابات.
فقد أظهرت بعض الاستطلاعات أن ترامب يتمتع بتفوق طفيف في ولايات مثل نورث كارولينا وأريزونا، بينما تتقدم هاريس بفارق ضئيل جدًا في ولايات مثل ميشيغان وبنسلفانيا وجورجيا ونيفادا، هذه الأرقام تعزز ثقة الجمهوريين، على الرغم من طبيعة السباق المتقاربة.
ورغم أن نتائج الاستطلاعات تُظهر سباقًا متقاربًا للغاية، يرى بعض المحللين أن حالة الذعر التي تسود بين الديمقراطيين قد لا تكون مبررة بشكل كامل.
وأشار خبير الاستطلاعات لدى شبكة CNN، هاري إنتين، إلى أن الطريق نحو تحقيق هاريس 270 صوتًا انتخابيًا ما زال مفتوحًا استنادًا إلى البيانات الحالية، حيث تمتلك بعض الولايات ميلاً أكبر للديمقراطيين، وخاصة في الولايات التي يتوقع أن تحقق فيها تقدمًا واضحًا.
ورغم هذه التطمينات، يعكس قلق الديمقراطيين عدم ثقتهم في قدرة هاريس على الحفاظ على هذا التقدم الضئيل، نظرًا لأن السباق الرئاسي يتأثر عادةً بالعديد من العوامل غير المتوقعة.
وتعتبر عوامل عدة مثل الوضع الاقتصادي، الأمن الداخلي، والسياسات الخارجية عناصر هامة في تشكيل قرار الناخبين، إلى جانب ذلك، تؤثر صورة كل مرشح على احتمالية نجاحه.
فقد أظهر استطلاع أجرته “Morning Consult” أن 49% من الناخبين في الولايات المتأرجحة يعتبرون ترامب “خطرًا”، بينما 34% فقط ينظرون إلى هاريس بنفس القدر من القلق.
في تقييم أداء المرشحين، سجلت هاريس نقاطًا أعلى من ترامب في جوانب مثل “الصدق” و”الاهتمام بالناس”، وأبدى نصف الناخبين تقريبًا رأيهم بأن ترامب “كبير في السن”، مقارنةً بنسبة قليلة تبلغ 5% لهاريس.
هذه الانطباعات قد تلعب دورًا حاسمًا في تحديد نتائج الانتخابات، حيث يعتمد نجاح المرشحين على مدى قدرتهم على جذب ثقة الناخبين وإقناعهم بقدرتهم على تلبية تطلعاتهم.
ويشير بعض الخبراء إلى أن الديمقراطيين يحتاجون لاستراتيجية محكمة لتعزيز ثقة الناخبين وتحفيزهم على المشاركة في الانتخابات، حيث أن حالة الذعر قد تؤثر سلبًا على حملة هاريس وتجعلها أقل فعالية في جذب الناخبين المترددين، فمن الضروري أن تركّز حملة هاريس على توجيه رسائل واضحة وفعّالة بشأن القضايا التي تهم الناخبين، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الولايات المتحدة.
وتستطيع هاريس تعزيز تواجدها في الولايات المتأرجحة من خلال التركيز على قضايا تشغل اهتمام الناخبين مثل الرعاية الصحية والاقتصاد والتعليم، كذلك، قد يكون للنهج الشخصي والمعتمد على التواصل المباشر مع الناخبين دور حاسم في تعزيز فرصها.
إذا لم يُحسن الديمقراطيون إدارة حالة القلق داخل معسكرهم، فقد ينعكس ذلك سلبًا على تحفيز القاعدة الجماهيرية للتصويت.
كما أن هذا القلق قد يدفع بعض الناخبين غير المتحمسين إلى العزوف عن المشاركة، وهو ما قد يكون في صالح ترامب إذا تمكن من الحفاظ على قاعدة داعمة قوية.
من جهة أخرى، يمكن للديمقراطيين استغلال حالة عدم الثقة في ترامب التي يشعر بها جزء من الناخبين. ورغم ثقة الجمهوريين، ما زال لدى هاريس فرصة للتقدم إذا تمكنت من تفعيل مشاركات أنصارها.
وتبدو الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 واحدة من أكثر المعارك إثارة في تاريخ الانتخابات الحديث، ورغم أن حالة القلق بين الديمقراطيين قد تكون مبررة بالنظر إلى التنافس الشديد، فإن الأرقام الحالية لا تزال تميل لصالح هاريس بفارق ضئيل.
ويكمن التحدي الأكبر للديمقراطيين في تعزيز الثقة بين الناخبين واستغلال كل فرصة للتواصل معهم، مما قد يغير من واقع الاستطلاعات.
وتبقى الرسائل السياسية واستراتيجية التواصل عناصر أساسية في تشكيل النتيجة النهائية لهذه الانتخابات التاريخية، حيث ستحدد القدرة على التواصل مع الناخبين مستقبل القيادة الأمريكية للأعوام الأربعة المقبلة.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=68631