الإمارات والولايات المتحدة تدشّنان مرحلة جديدة من التعاون العسكري بتوقيع شراكة دفاعية كبرى

في خطوة استراتيجية تعكس عمق العلاقات الثنائية بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، وقّعت الدولتان خطاب نوايا لإقامة شراكة دفاعية كبرى تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري وتطوير القدرات الدفاعية المشتركة، في ظل التحديات الأمنية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط والعالم.

وجرت مراسم التوقيع الرسمية في مقر وزارة الدفاع الإماراتية بأبوظبي، حيث وقع وزير الدولة لشؤون الدفاع، محمد بن مبارك المزروعي، ونظيره الأمريكي، وزير الدفاع بيت هيغسيث، خطاب النوايا بحضور وفود رفيعة المستوى من كلا البلدين.

خارطة طريق للتعاون العسكري

تشمل الشراكة الدفاعية المعلنة خارطة طريق متكاملة لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، ترتكز على رفع الجاهزية الدفاعية، وتطوير القدرات التكتيكية والاستراتيجية، وتوسيع آفاق التدريب المشترك والتخطيط العملياتي.
كما تتضمن الشراكة بنودًا لتبادل الخبرات والمعلومات الدفاعية، وتنسيق الجهود في مجال الابتكار العسكري والتكنولوجي.

وأكد الوزير الإماراتي محمد بن مبارك المزروعي أن هذه الخطوة تأتي تتويجًا لعقود من التعاون الدفاعي المثمر بين البلدين، مشيرًا إلى أن الشراكة الجديدة تمثل نقلة نوعية في مستوى العلاقات الدفاعية، وتستجيب لمتطلبات الأمن الإقليمي والعالمي.

من جهته، أوضح وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث أن هذه الاتفاقية تعزز من التزام واشنطن بأمن واستقرار الخليج، مضيفًا أن دولة الإمارات شريك استراتيجي موثوق في المنطقة، ولديها سجل طويل من التعاون الدفاعي المثمر مع الولايات المتحدة.

مبادرات استراتيجية مشتركة

وعلى هامش التوقيع، أعلن الوزير الأمريكي عن إطلاق مبادرة استراتيجية جديدة بين وحدة الابتكار الدفاعي الأمريكية (DIU) ومجلس التوازن الإماراتي، تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات البحث والتطوير، لا سيما في التقنيات الدفاعية المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، والأنظمة غير المأهولة، والحرب السيبرانية.

وستشمل هذه المبادرة تنفيذ مشاريع مشتركة لتطوير حلول تكنولوجية لمواجهة التحديات الأمنية الحديثة، بالإضافة إلى توسيع الشراكات الصناعية الدفاعية، مما سيسهم في خلق بيئة أكثر تكاملًا بين القطاعات الدفاعية في كلا البلدين.

انضمام الإمارات إلى برنامج الحرس الوطني الأمريكي

في تطور لافت ضمن الاتفاقات الموقعة، أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية انضمام دولة الإمارات رسميًا إلى برنامج الشراكة مع الحرس الوطني الأمريكي عبر ولاية تكساس، وهو برنامج يهدف إلى تعزيز التعاون الدفاعي بين القوات المسلحة الأمريكية ودول العالم الشريكة.

وسيسهم هذا البرنامج في دعم جهود التحديث العسكري لدى القوات المسلحة الإماراتية، من خلال تبادل الخبرات والتدريب المشترك، لا سيما في مجالات الأمن السيبراني، والدفاع الجوي، والاستجابة للكوارث.

الإمارات كشريك دفاع رئيسي للولايات المتحدة

تأتي هذه الخطوة في سياق تصنيف دولة الإمارات كشريك دفاع رئيسي للولايات المتحدة الأمريكية، وهو تصنيف يعكس الأهمية الاستراتيجية التي تمثلها الإمارات في منظومة الأمن الإقليمي والدولي.
ويستند هذا التصنيف إلى سجل طويل من التعاون الدفاعي والعملياتي، شمل مشاركات مشتركة في مهمات حفظ السلام، ومكافحة الإرهاب، والتصدي للتهديدات الإقليمية.

وتُعد الإمارات من الدول القليلة في المنطقة التي تربطها علاقات دفاعية متقدمة مع الولايات المتحدة، تشمل اتفاقيات للتعاون اللوجستي، وتمركز قوات أمريكية على أراضيها، فضلًا عن مساهماتها في الجهود الدولية لحماية الملاحة البحرية ومكافحة القرصنة.

ردود فعل دولية وإقليمية

وقد لاقى الإعلان عن الشراكة الجديدة ترحيبًا واسعًا من المراقبين والخبراء في الشؤون العسكرية، حيث أشار عدد من المحللين إلى أن هذه الخطوة تعزز من قدرة البلدين على التعامل مع التهديدات المتزايدة في المنطقة، خاصة مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في الخليج والشرق الأوسط.

كما رأى محللون أن هذا التوسع في العلاقات الدفاعية يعكس تحولًا نوعيًا في طبيعة التحالفات الإقليمية، حيث باتت الإمارات تلعب دورًا محوريًا في جهود تحقيق الأمن الجماعي، بالتوازي مع تبنيها لاستراتيجيات عسكرية تعتمد على الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة.

ويمثل توقيع خطاب النوايا بين الإمارات والولايات المتحدة علامة فارقة في مسار العلاقات الثنائية، ويؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية المبنية على المصالح الأمنية المشتركة. وبينما تتجه المنطقة نحو مزيد من التحديات، يبقى هذا التعاون الدفاعي ركيزة أساسية في تعزيز الاستقرار الإقليمي، وضمان جاهزية الحلفاء في مواجهة المتغيرات المستقبلية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.