الإمارات تنشر رادارًا إسرائيليًا في الصومال لدعم قوات حميدتي في السودان

أفادت تقارير أن الإمارات نشرت نظام رادار عسكري متقدم مصنوع في إسرائيل في منطقة بونتلاند شبه المستقلة في الصومال لحماية مطار بوصاصو من هجمات محتملة بواسطة طائرات مسيرة وصواريخ تطلقها القوات المسلحة اليمنية.

وبحسب التقارير تستخدم أبوظبي مطار بوصاصو كمركز لوجستي لإمداد قوات الدعم السريع السودانية بالأسلحة والذخيرة، وهي القوات التي تخوض حربًا أهلية دموية ضد القوات المسلحة السودانية منذ عامين.

يُقال إن طائرات شحن كبيرة أجرت عمليات نقل أسلحة متكررة من بوصاصو إلى السودان، حيث سُجلت ما يصل إلى خمس شحنات كبيرة في بعض الأيام.

وتعد هذه الخطوة جزء من استراتيجية أوسع لأبوظبي لتعزيز أمن أصولها في شرق أفريقيا، وسط تصاعد التوترات الإقليمية بسبب الضربات الانتقامية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية ضد أهداف يُشتبه بارتباطها بالمصالح الخليجية العربية.

تم تثبيت نظام الرادار، المعروف باسم ELM-2084 ثلاثي الأبعاد بتقنية المسح الإلكتروني النشط (AESA)، بالقرب من مطار بوصاصو في وقت سابق من هذا العام، وفقًا لصور أقمار صناعية مؤرخة بشهر مارس 2025.

تم تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات وإسرائيل رسميًا في 13 أغسطس 2020 عبر اتفاقيات إبراهيم التاريخية، التي تمت برعاية الولايات المتحدة.

تم التوقيع الرسمي على معاهدة التطبيع في 15 سبتمبر 2020 بالبيت الأبيض في واشنطن العاصمة، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان والرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب.

وهكذا أصبحت الإمارات ثالث دولة عربية — بعد مصر (1979) والأردن (1994) — والأولى من الخليج العربي، التي تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل.

الرادار ELM-2084 هو نظام متطور تم تطويره من قبل شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI) عبر فرعها “إلتا سيستمز”.

صمم الرادار للقيام بثلاث مهام رئيسية — اكتشاف وتتبع التهديدات الجوية، إدارة أنظمة الدفاع الجوي، ودعم نيران المدفعية — مستفيدًا من تكنولوجيا AESA ثلاثية الأبعاد لمسح الأجواء بسرعة عالية دون الحاجة إلى تدوير الهوائي ميكانيكيًا.

تسمح هذه القدرة لرادار ELM-2084 بالكشف عن مجموعة واسعة من التهديدات الجوية — بما في ذلك الطائرات المسيرة، الصواريخ الباليستية، صواريخ كروز، القذائف الصاروخية، والطائرات المقاتلة — خلال فترة زمنية قصيرة جدًا للاستجابة.

اعتمادًا على تهيئته، يوفر الرادار مدى اكتشاف يتراوح من 100 إلى 470 كيلومترًا ويمكنه تتبع مئات الأهداف في وقت واحد، مما يمنحه ميزة تشغيلية حاسمة في بيئات القتال الحديثة المشبعة بالتهديدات.

داخل منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية، يُعد ELM-2084 مكونًا مركزيًا لأنظمة مثل “القبة الحديدية”، “مقلاع داود”، ونظام اعتراض الصواريخ الباليستية “آرو”.

تعزز قدرته على اكتشاف إطلاق الصواريخ والقذائف بدقة من مسافات بعيدة وتوقع نقاط سقوطها فرص الإنذار المبكر، مما يحسن احتمالات اعتراض الأهداف قبل أن تصل إلى وجهاتها.

تم تصميم ELM-2084 للعمل عبر ظروف مناخية وتشغيلية متنوعة، وهو مقاوم أيضًا لتكتيكات الحرب الإلكترونية مثل التشويش وتعطيل الإشارات.

تصميمه المعياري يسمح بتركيبه على منصات متنقلة، مما يجعله مرنًا للغاية للنشر السريع لحماية المطارات والمناطق الحدودية والبنية التحتية الوطنية الحيوية.

رغم حجم العمليات العسكرية الإماراتية، التزمت السلطات الوطنية الصومالية صمتًا واضحًا حيال التوسع الإماراتي في بونتلاند.

يُقال إن رئيس بونتلاند، سعيد عبدالله دني، قد أجاز أنشطة الإمارات دون موافقة رسمية من الحكومة الفيدرالية الصومالية أو من برلمان بونتلاند الإقليمي.

ووفقًا لمصدرين صوماليين، وُصفت هذه الترتيبات بأنها “اتفاق سري”، حتى أن كبار المسؤولين في بونتلاند ظلوا غير مطلعين على النطاق الكامل للعمليات.

قوات الدعم السريع

تُعد قوات الدعم السريع أقوى تنظيم شبه عسكري في السودان، وقد نشأت في الأصل من ميليشيات الجنجويد سيئة السمعة خلال صراع دارفور قبل أن تُدمج رسميًا في جهاز الأمن السوداني.

منذ اندلاع الحرب الأهلية في أبريل 2023، انخرطت قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في معارك حضرية وإقليمية دموية، مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص وإجبار ملايين المدنيين السودانيين على الفرار إلى دول مجاورة.

أثار الصراع قلقًا دوليًا عميقًا، نظرًا للموقع الجغرافي الحرج للسودان بين شرق أفريقيا وشمالها وقربه من طرق الملاحة البحرية في البحر الأحمر الحيوية للتجارة العالمية.

بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف باسم “حميدتي”، يُعتقد أن قوات الدعم السريع حصلت على دعم لوجستي ومادي من عدة قوى أجنبية، بما في ذلك دول خليجية.

تبرز استخدام الإمارات لمطار بوصاصو كخط إمداد لقوات الدعم السريع ليس فقط كعلامة على تعقيد التشابكات الجيوسياسية الإقليمية المتزايدة، بل ويبرز كيف أن الاضطرابات الداخلية في السودان تُزعزع بشكل متزايد استقرار القرن الأفريقي.

يرى المحللون الإقليميون أن تصرفات الإمارات جزء من استراتيجية أوسع لتعزيز النفوذ في شرق أفريقيا، رغم أنها تزيد في الوقت ذاته من خطر انجرار الصومال إلى صراعات إقليمية بالوكالة.

دعم الإمارات المزعوم لقوات الدعم السريع مدفوع بمزيج من المصالح الاستراتيجية والاقتصادية.

من الجدير بالذكر أن دبي تُعد وجهة رئيسية لصادرات الذهب السودانية، حيث يُعتقد أن جزءًا كبيرًا منها يسيطر عليه شبكات مرتبطة بقوات الدعم السريع خارج القنوات الرسمية.

يوفر هذا الارتباط لقوات الدعم السريع مصادر إيرادات حيوية، بينما يمنح الإمارات وصولًا إلى مورد استراتيجي ومربح.

وبالإضافة إلى الذهب، استثمرت الإمارات بكثافة في مشاريع البنية التحتية السودانية، لا سيما في مرافق الموانئ على طول البحر الأحمر، وتهدف عبر دعمها لقوات الدعم السريع إلى حماية وتوسيع هذه الاستثمارات الاقتصادية.

عبر تعزيز قوات الدعم السريع، تسعى أبوظبي لترسيخ نفوذها السياسي والاقتصادي في شرق أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي الأوسع، تماشيًا مع طموحاتها الطويلة الأمد في السياسة الخارجية.

تربط الإمارات والسودان أيضًا علاقة عسكرية طويلة الأمد، إذ تعاونا في صراعات مثل حرب اليمن.

وهكذا يمكن اعتبار دعم قوات الدعم السريع امتدادًا للروابط الدفاعية القائمة.

وبينما تنفي الحكومة الإماراتية رسميًا تقديم أي دعم عسكري أو أسلحة لقوات الدعم السريع، تشير الأدلة المتزايدة والانتقادات الدولية إلى عكس ذلك، مما يثير مخاوف جديدة بشأن دور أبوظبي في تأجيج الصراع المدمر في السودان.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.