تسعى قوات المعارضين في سوريا إلى تعزيز مكاسبها الأخيرة والاستيلاء على المزيد من الأراضي التي تحت سيطرة الحكومة السورية، مما يثير تساؤلات حول قدرة الرئيس بشار الأسد على البقاء في السلطة.
وتتسم الأوضاع في الصراع السوري المستمر منذ 15 عامًا بالعديد من المجاهيل، حيث تعتمد التطورات المستقبلية بشكل كبير على أجندات الفاعلين الخارجيين كما تعتمد على العداوات الداخلية.
وفي هذا السياق، تلعب إيران دورًا رئيسيًا، إذ تعتبر سوريا جزءًا من محور المقاومة ضد إسرائيل والغرب، وقد قدمت طهران لسنوات الدعم العسكري الضروري للأسد، كما تُعد روسيا، التي تدخلت لإنقاذ الأسد في عام 2015، حليفًا قديمًا، لكنها مشغولة حاليًا في حربها في أوكرانيا، مما يحد من إمكانية تقديم الدعم العسكري الجوي كما فعلت سابقًا.
ولقد أدى الصراع إلى معاناة شديدة للسكان، حيث خلف ما بين 300 و500 ألف شهيد، وأكثر من 7 ملايين نازح داخلي، و6.4 مليون لاجئ، مع خسائر اقتصادية تُقدّر بنحو نصف تريليون دولار، بحسب تقارير الأمم المتحدة.
ولا تظهر أي علامات على استعداد الأسد للتسوية، فقد سيطرت عائلته على سوريا لمدة خمسة عقود، وهو متمسك بالسلطة رغم الحرب الأهلية، وسافر الأسد مؤخرًا إلى موسكو بعد انهيار دفاعات جيشه أمام هجوم المعارضين، لكنه عاد ليظهر في دمشق ويلتقي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، مؤكدًا التزامه بمكافحة الإرهاب.
وقبل الهجوم المستمر، كان الأسد تحت ضغط من الدول العربية وتركيا والقوى الغربية وحتى موسكو لإجراء إصلاحات سياسية تتيح للمعارضة المشاركة، ومع ذلك، يعتمد الأسد على دعم إيران لمقاومة هذه الضغوط، حتى إذا قدم تنازلات، فمن غير المؤكد ما إذا كان المعارضون سيقبلون بالحوار، نظرًا لوهن الجيش السوري.
ويبدو أن هذا السؤال يحمل تعقيدات كبيرة، فإذا نجح المعارضون في الإطاحة بالأسد، فقد يؤدي ذلك إلى فوضى وتفتت البلاد، ومن المحتمل أن ينزح الموالون للأسد، من الطائفة العلوية، إلى معاقلهم الساحلية، مما يؤدي إلى فراغ قيادي، وقد يسعى المعارضون، بدعم من المنشقين والمعارضة في المنفى، إلى إنشاء هيكل سلطة بديل.
ويعد الهجوم الرئيسي للمعارضين، المعروف باسم “عملية ردع العدوان”، تقوده هيئة تحرير الشام، وهي منظمة كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة، وتضم الهيئة حوالي 15 ألف مقاتل ولديها خبرة في إدارة المناطق التي تحت سيطرتها، بالإضافة إلى ذلك، هناك الجماعات المدعومة من تركيا مثل “الجبهة الوطنية للتحرير” و”الجيش الوطني السوري”، التي تركز عملياتها في الشمال ضد الميليشيات الكردية.
وتعتبر روسيا العامل الأكثر أهمية في استمرارية الأسد، فقد أصبحت موسكو الوسيط الرئيسي في سوريا، وتفاوضت مع إيران وتركيا لتمكين الأسد من استعادة بعض الأراضي، ومع ذلك، قد تضطر روسيا للضغط على الأسد لتقديم تنازلات أو حتى التخلي عنه كجزء من تسوية أوسع بشأن أوكرانيا.
وتظهر إيران تصميمها على دعم الأسد، مع تقارير عن حشد الجماعات العراقية المسلحة في سوريا، وتعتبر سوريا مركزًا حيويًا لعقيدة الدفاع الإيرانية، وفي المقابل، تغيرت حسابات تركيا بعد رفض الأسد لقاء الرئيس رجب طيب أردوغان، مما أثر على موقف أنقرة تجاه المعارضين.
أما الولايات المتحدة، التي تحتفظ بقوات في سوريا، فقد أقامت شراكة مع الأكراد السوريين، بينما تتبنى الدول العربية نهج الانتظار والترقب في ظل الأحداث المتسارعة، مع تصعيد إسرائيل لاستهدافها لإيران وحزب الله في سوريا.
ويبقى الصراع السوري معقدًا ومليئًا بالتحديات، مع تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية على الأسد، مما ينذر بمزيد من التوترات في المستقبل.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=69422