استثمارات صينية مرتفعة في السعودية تعزز تنويع الاقتصاد السعودي

تشهد العلاقات الاقتصادية بين الصين والسعودية تطورًا جذريًا يتجاوز إطار التجارة التقليدية القائمة على النفط، ليشمل مجالات التكنولوجيا النظيفة والاستثمارات المستقبلية.

وتسعى الدولتان إلى تعزيز شراكتهما الاقتصادية، مما يعكس تحولًا استراتيجيًا في أولويات كلا البلدين.

ولطالما كانت العلاقة الاقتصادية بين الصين والسعودية تعتمد على النفط، لكن البيانات الأخيرة تكشف عن تغيير كبير في هذا النمط التقليدي.

حيث بلغت صادرات الصين إلى السعودية 40.2 مليار دولار خلال أول 10 أشهر من العام الجاري، بزيادة واضحة عن 34.9 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.

كما وأصبحت الصين المصدر الأكبر للاستثمارات الأجنبية المباشرة في السعودية، حيث استثمرت 21.6 مليار دولار منذ عام 2021 حتى أكتوبر 2024، حوالي ثلثها موجه إلى قطاعات التكنولوجيا النظيفة مثل البطاريات والطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ويشير هذا النمو إلى هيمنة الصين على مشهد الاستثمار الأجنبي في السعودية، متفوقة على شركاء تقليديين مثل الولايات المتحدة وفرنسا.

وتكشف تقارير أن العديد من الصفقات الصينية لم تُعلن بعد رسميًا في السعودية، مما يعني أن حجم التعاون قد يكون أكبر مما تشير إليه البيانات الحالية.

ويعد هذا التوجه جزءًا من رؤية المملكة الطموحة لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط، مع التركيز على تعزيز قطاعات التكنولوجيا النظيفة والابتكار.

كما وتسعى الصين إلى توسيع نفوذها العالمي بعيدًا عن الولايات المتحدة وأوروبا، مع التركيز على التعاون الاقتصادي بدلًا من الاعتماد على نموذج “الحزام والطريق” الذي يركز على القروض.

وشهدت الأشهر الأخيرة توقيع العديد من الاتفاقيات التي تعزز الشراكة بين البلدين ففي سبتمبر، وسّعت شركة أرامكو السعودية شراكاتها مع مجموعتي “رونغشينغ” و”هنغلي”الصينيتين لتطوير المنتجات البتروكيماوية.
أما في أكتوبر، فأعلنت مجموعة EWPartners عن خطة لإنشاء منطقة اقتصادية خاصة في الرياض بتكلفة 2 مليار دولار، مخصصة للشركات الصينية.

كما تم اتخاذ خطوات للتكامل المالي، بما في ذلك إطلاق صناديق استثمار متداولة تربط الأسهم السعودية والصينية.

ومن المتوقع أن تصل التجارة السنوية بين الصين والشرق الأوسط في قطاع الطاقة إلى 432 مليار دولار بحلول عام 2030، ورغم أن تداول النفط بالرنمينبي (اليوان الصيني) قد يستغرق وقتًا أطول لتحقيقه، فإن تعميق التعاون بين البلدين يعزز احتمالية ظهور “البترويوان” كعامل اقتصادي عالمي.

وتمثل هذه الشراكة فرصة ذهبية للسعودية لتنويع اقتصادها وزيادة استثماراتها في التكنولوجيا النظيفة، بينما تستفيد الصين من تعزيز نفوذها العالمي عبر استثمارات مستدامة.

وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن العلاقات بين البلدين تسير نحو آفاق أوسع من التعاون الاقتصادي والاستراتيجي تتجاوز النفط، لترسم مستقبلًا جديدًا للشراكة الثنائية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.