قالت مجلة إيكونومست البريطانية إن الإمارات العربية المتحدة تواصل تسليح ميليشيات “قوات الدعم السريع” رغم خسائرها المتتالية في السودان واقتراب الجيش السوداني من استعادة السيطرة الكاملة على العاصمة في نقطة تحول في الحرب الأهلية في البلاد.
وبحسب المجلة ظهر قائد ميليشيا الدعم السريع لأول مرة علنًا منذ أشهر. “رجاءً لا تستمعوا لمروجي الشائعات”، قال محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، وهو يبدو متعبًا. “يريدون تحطيمكم”، أضاف زعيم قوات الدعم السريع، المجموعة شبه العسكرية المتهمة بارتكاب إبادة جماعية.
وقد جاء خطابه النادر، الذي بُثّ في 31 يناير، لحشد ما تبقى من قواته في العاصمة السودانية الخرطوم، حيث بدأ العديد من مقاتليه بالفرار غربًا عبر نهر النيل. لكن يبدو أن ندائه لم يلقَ استجابة، إذ تبدو أيام قواته في المدينة معدودة.
كانت قوات الدعم السريع قد سيطرت على معظم الخرطوم بعد اندلاع الحرب الأهلية قبل نحو عامين، وامتدت سيطرتها إلى مناطق زراعية رئيسية في وادي النيل، وهي معقل الجيش التقليدي.
لكن ميزان القوى بدأ يميل لصالح الجيش. في يناير، استعاد مدينة ود مدني، إحدى أكبر مدن السودان، ثم كسر حصار قوات الدعم السريع لمقر القيادة العامة في الخرطوم. يواصل الجيش تقدمه السريع على طول النيل باتجاه القصر الرئاسي في قلب العاصمة، حيث سيطر على عدة جسور مهمة ومصفاة النفط الوطنية.
إذا استعاد الجيش السيطرة الكاملة على الخرطوم، فقد يشكل ذلك نقطة تحول في الحرب التي أدت إلى نزوح 12 مليون سوداني وأسفرت عن واحدة من أسوأ المجاعات منذ عقود.
في الشهر الماضي، ظهر قائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان، في الخرطوم لأول مرة منذ انتقاله إلى بورتسودان على البحر الأحمر منتصف عام 2023، مما عزز ثقة الجيش وأنصاره.
وقد تعهد البرهان بطرد قوات الدعم السريع “من كل شبر في السودان”، وأعلن الجيش في 9 فبراير اعتزامه تشكيل حكومة جديدة من “التكنوقراط”.
في المقابل، تواجه قوات الدعم السريع اضطرابات داخلية. فرغم مرونتها القتالية وتسليحها المتطور، الذي يُعتقد أنه يأتي بشكل رئيسي من الإمارات (رغم نفي الأخيرة)، لم تتمكن من تثبيت مكاسبها المبكرة.
ولا تزال تواجه مقاومة محلية من جماعات الدفاع الذاتي والميليشيات القبلية في المناطق التي تسيطر عليها. كما أن الانشقاقات داخل صفوفها أضعفت معنويات مقاتليها.
يقول أمجد فريد، المسؤول في الحكومة المدنية المؤقتة التي أطاح بها البرهان عام 2021: “قوات الدعم السريع القديمة تتفكك، فهي تتحول من ميليشيا واحدة إلى تحالف من العصابات”.
دبلوماسيًا، باتت قوات الدعم السريع أكثر عزلة. في يناير، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على حميدتي وسبع شركات تابعة لقواته في الإمارات.
ورغم فرض عقوبات على البرهان بعد ذلك بأسبوع، إلا أن بعض الدبلوماسيين الغربيين يأملون أن تعيد الإمارات النظر في دعمها لهذه المجموعة المثيرة للجدل.
وفي 14 فبراير، دعت أبوظبي إلى وقف إطلاق النار وتعهدت بتقديم 200 مليون دولار إضافية كمساعدات إنسانية. وقال مسؤول إماراتي رفيع: “نحتاج إلى الاستقرار وحكومة مدنية”.
مع التراجع الميداني لقوات الدعم السريع في الخرطوم وعدم وضوح موقف إدارة ترامب في البيت الأبيض، قد تسعى الإمارات إلى تقليص دعمها.
لكن لا توجد مؤشرات واضحة على حدوث ذلك حتى الآن، إذ لا تزال شحنات الأسلحة السرية، بما في ذلك الطائرات المسيرة، تتدفق إلى قوات الدعم السريع في دارفور، وفقًا لناثانيال ريموند من مختبر أبحاث الأزمات الإنسانية بجامعة ييل.
رغم هروب مقاتليها من الخرطوم، فإن قوات الدعم السريع تعزز وجودها في الفاشر، عاصمة دارفور.
في الأيام الأخيرة، تعرض مخيم يضم نحو مليون لاجئ، معظمهم من الفارين من الفاشر نفسها، لهجمات وقصف من قبل قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، مما يثير مخاوف من مذبحة جديدة في دارفور.
لا توجد مؤشرات على نية قوات الدعم السريع التفاوض على السلام. بل تستعد للإعلان عن تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة البرهان، ما قد يكرس انقسام السودان إلى مناطق نفوذ متعددة.
ولا يبدو أن حميدتي قد تخلى عن طموحه في الحكم من الخرطوم، إذ تشير تقارير أمنية غربية إلى أن قواته تعد لهجوم مضاد.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=70663