الرياض- خليج 24| من فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، ومنها العشر الأوائل من شهر ذي الحجة.
لذلك ينبغي لمن وفقه الله أن يعرف فضل عشر ذي الحجة حتى يحرص على الاجتهاد فيها بالطاعات والقربات.
ويأتي موسم الحج هذا العام وما زالت جائحة كورونا تلقي بظلالها على الكثير من نواحي الحياة.
من أبرز هذه النواحي اقتصار أداء فريضة الحج هذا العام على أعداد قليلة جدا من المسلمين.
وسيتوجه في الأيام المقبلة من شهر ذي الحجة نحو 60 ألفا من المواطنين السعوديين والمقيمين لأداء الفريضة.
لذلك فإن الكل مدعو إلى اغتنام هذه الأيام في ظل عدم التمكن من أداء فريضة الحج.
وستبدأ يوم غد الأحد أولى أيام شهر ذي الحجة من هذا العام.
ما هي إلا ساعات ولحظات ما أسرع انقضاءها، والمحظوظ من وفق فيها لصالح القول والعمل.
وتوجد أعمال صالحة تتأكد في هذه عشر ذي الحجة جاءت النصوص بالحث عليها، والترغيب فيها.
فضل هذه الأيام العشرة
أقسم الله بها في مطلع سورة الفجر تنويها بشرفها وعظم شأنها بقوله تعالى “وَالْفَجْرِ. وَلَيَالٍ عَشْرٍ“.
في حين قال عدد من أهل العلم إن المراد بها عشر ذي الحجة.
كما قال تعالى أيضًا في سورة الحج “وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ“، وقيل إن المقصود بها تلك الأيام العشر.
فيما شهد رسول الله بأنها أعظم أيام الدنيا، وأن العمل الصالح فيها أفضل منه في غيرها.
وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم “ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟
قال: ولا الجهاد، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء”.
أيضا جاء في حديث ابن عمر، قال صلى الله عليه وسلم “ما من أيّام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”.
يوجد في عشر ذي الحجة يوم عرفة الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة
وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟”، وهو يوم مغفرة الذنوب وصيامه يكفر سنتين.
وفي هذه الأيام المباركات أيضًا يوم النحر الذي هو أعظم الأيام عند الله.
فقد قال صلى الله عليه وسلم “أعظم الأيام عند الله تعالى، يوم النحر، ثم يوم القرّ”.
كما حظيت عشر ذي الحجة بهذه المكانة والمنزلة لاجتماع أمهات العبادة فيها وهي:
الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها.
وعن المفاضلة بين عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان، فقد ذهب أهل العلم في المفاضلة بينهما.
وقال بعض المحققين إن أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام عشر رمضان الأخيرة.
بينما ليالي عشر رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة، جمعًا بين النصوص الدالة على فضل كل منها.
لذلك فليالي العشر من رمضان إنما فضلت باعتبار ليلة القدر وهي من الليالي.
أما عشر ذي الحجة إنما فضلت باعتبار الأيام، ففيها يوم النحر ويوم عرفة ويوم التروية.
وحول أفضل الأعمال الذي يجب على المسلم الحرص على أدائها:
أولا: فريضة الحج: فهي خير ما يؤدى في هذه الأيام المباركة، فريضة الحج وهو خامس أركان الإسلام إذا ما استطعنا إليه سبيلا.
والحج من أعظم أعمال البر كما قال صلى الله عليه وسلم وقد سُئل أي العمل أفضل.
قال “إيمان بالله ورسوله، قيل ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور”.
ثانيا: الصيام: من الأعمال التي تتأكد في هذه الأيام الصيام، وهو بالإضافة إلى أنه داخل في عموم العمل الصالح.
إلا أنه قد ورد فيه أدلة على جهة الخصوص.
فعن حفصة رضي الله عنها قالت “أربع لم يكن يدعهن النبي صلى الله عليه وسلم: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة”.
والمقصود صيام التسع من ذي الحجة، لأنه قد نُهِي عن صيام يوم العيد.
كما قال الإمام النووي عن عشر ذي الحجة “صيامها مستحب استحبابًا شديدًا”.
ثالثا: صيام يوم عرفة: يتأكد صوم يوم عرفة لغير الحاج.
لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنّه قال عن صوم يوم عرفة “أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده” (رواه مسلم).
غير أن من كان في عرفة حاجًا فإنّه لا يستحب له الصوم، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة مفطرًا.
رابعا: التكبير والتهليل والتحميد: فيجب الإكثار من الذكر عمومًا ومن التكبير خصوصًا.
لقوله تعالى “ويذكروا اسم الله في أيام معلومات”، وكما في حديث ابن عمر السابق “فأكثروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد”.
وقال الإمام البخاري رحمه الله “كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهلل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرًا، وكذلك فعل ابن عمر.
لذلك المستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين.
وهو من السنن المهجورة التي ينبغي إحياؤها في هذه الأيام المباركات.
أيضا يسن إظهار التكبير المطلق من أول يوم من أيام ذي الحجة في المساجد والمنازل والطرقات والأسواق وغيرها”.
حيث يجهر به الرجال، وتسر به النساء، إعلانًا بتعظيم الله تعالى، ويستمر إلى عصر آخر يوم من أيام التشريق.
أما التكبير الخاص المقيد بأدبار الصلوات المفروضة، فيبدأ من فجر يوم عرفة.
في حين يستمر حتى عصر آخر يوم من أيام التشريق، لقوله عليه الصلاة والسلام “أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله”.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=25973
التعليقات مغلقة.