هآرتس: قطر دفعت نحو وقف إطلاق النار عبر قناة ترامب ونتنياهو في الزاوية

قدّمت صحيفة “هآرتس” العبرية رواية تفصيلية لكيفية استخدام قطر شبكة علاقاتها مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب للدفع نحو صفقة تُنهي حرب غزة وتعيد الأسرى، في خطوة تقول الصحيفة إنها وضعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحت ضغط غير مسبوق داخل ائتلافه وخارجه.

فبحسب التقرير، عملت الدوحة، بالتنسيق مع القاهرة وأنقرة، على تحويل ملف الأسرى من “أصل تفاوضي” إلى “عبء سياسي” على حماس، عبر قناعة مفادها أن إطلاقهم يرفع الذريعة الأساسية لاستمرار القتال ويُسرّع تثبيت وقف نار دائم بإشراف واشنطن.

وتشير هآرتس إلى أن اتصالاً هاتفياً مباشراً جرى بين ترامب وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، هدف إلى دفع الصفقة قُدماً؛ ووُصفت المحادثة في الدوحة بأنها “ممتازة”، مع رهان قطري على أن قبول الحركة مبدئياً بالخطوط العريضة يتيح ترك التفاصيل الفنية للدول الوسيطة، فيما يسعى ترامب لالتقاط “الصورة الكبرى” وتسويق اختراق سياسي شخصي.

كما ترى الصحيفة أن إعلان ترامب الداعم لوقف النار – والمعلن أولاً على «تروث سوشال» – فاجأ نتنياهو وأجبره على إصدار بيان تأييد “متجهّم”، بعدما باتت كلفة المماطلة السياسية أعلى من قدرته على تحمّلها.

يتقاطع ذلك مع تغطيات دولية أوسع تُبرز ضغط ترامب لتمرير خطّة من 20 بنداً، وما أثارته داخل اليمين الإسرائيلي من تمرد على أي ترتيبات تُبقي عناصر من حماس في مشهد ما بعد الحرب، ولو على قاعدة نزع السلاح والتخلّي عن العنف.

وقد حذّر وزراء من «عوتسما يهوديت» و«الصهيونية الدينية» من التصويت ضد أي تبادل أسرى واسع أو انسحابات منظمة، ما يهدد تماسك الحكومة، بحسب تقارير دولية.

وتضيف «هآرتس» أن الفارق الجوهري بين ولاية ترامب الأولى والثانية يتمثل في صعود قطر لاعباً محورياً في هندسة الملف؛ تجسّد ذلك في زيارة ترامب للدوحة مؤخراً – بعدما كانت خارج جدول رحلاته سابقاً – وفي الأمر التنفيذي الصادر من البيت الأبيض الأسبوع الماضي الذي يعدّ أي هجوم على قطر تهديداً لأمن الولايات المتحدة ويعد بردّ “دبلوماسي/اقتصادي/عسكري عند الضرورة”، في رسالة ردع واضحة بعد التوترات الأخيرة.

وعلى المسار الإجرائي، تورد “هآرتس” أن بعثة إسرائيلية ستتجه إلى القاهرة لبحث “خطوط الانسحاب” من غزة تمهيداً لتطبيق الترتيبات، وهي نقطة يقول الوسيط الإسرائيلي غيرشون باسكين – الذي لعب دوراً في صفقة شاليط 2011 – إن ثمة تفاهمات أولية حولها بما يصعّب إطالة المفاوضات بلا داع.

ويأتي ذلك بالتوازي مع حديث عن إدراج إطلاق سراح نحو 250 أسيراً فلسطينياً محكومين بالمؤبد ضمن حزمة التبادل، وهي خطوة تتطلب تصويت الحكومة وتفتح باب الانقسامات داخل الائتلاف.

في الخلفية، يتعامل نتنياهو مع معادلة معقّدة: من جهة، ضغط أميركي-إقليمي متزايد لتثبيت وقف النار وترتيب انسحاب تدريجي، ومن جهة أخرى، شركاء ائتلاف يميني يلوّحون بإسقاط الحكومة إذا انطوت الصفقة على “تنازلات” كبرى.

ورغم إعلان نتنياهو دعمه لخط ترامب، ترى تقارير دولية أن بقاء الحكومة على قيد الحياة لا يعني استقرارها، وأن أي تصويت على الإفراجات أو على خرائط الانسحاب قد يشعل أزمة داخلية جديدة.

أما على ضفة واشنطن–الدوحة، فيُشار إلى شبكة علاقات شخصية ومؤسسية تسهّل تمرير الرسائل وتدوير زوايا الخلاف، من دور المبعوث ستيف ويتكوف وصلاته برئيس الوزراء القطري، إلى غطاء سياسي-أمني وفره الأمر التنفيذي الأميركي الأخير الذي ربط أمن قطر مباشرةً بالمصلحة القومية الأميركية.

وتقرأ مصادر دبلوماسية ذلك كإشارة إلى أن الانزلاق إلى مواجهة إقليمية – ولا سيما مع إيران ووكلائها – بات مكلفاً لتموضعات واشنطن، ما يجعل صفقة غزة “اختباراً” لفاعلية نفوذها الجديد في الخليج.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.