موجة استحواذات بالاستدانة تهز الأسواق ومطور برج خليفة يبتعد عن دبي

تشهد الأسواق العالمية موجة جديدة من عمليات الاستحواذ الممولة بالاستدانة (leveraged buyouts) تقودها بنوك تقدم تسهيلات ائتمانية سخية، ما أعاد إحياء نموذج الاستحواذ الكبير الذي يهيمن عليه صنّاع القرار في صناديق الملكية الخاصة.

في قلب هذه التحولات يقف مشهد مزدوج: من جهة نشاط المستثمرين النشطاء الذين يضغطون لإحداث تغييرات هيكلية في شركات عامة متردّية الأداء، ومن جهة أخرى استعداد صناديق الملكية الخاصة للشراء وتحويل الشركات إلى ملكية خاصة بعيدة عن أعين السوق العامة.

في نيويورك، احتشد المستثمرون النشطاء في ممرات فندق «بيير» خلال قمة 13D Monitor Active-Passive Investor، حيث تباحثوا في قائمة أهداف محتملة من الشركات منخفضة التقييم والمعزولة عن زخم أسهم الذكاء الاصطناعي.

قال أحد المستشارين إنهم «يشحذون السكاكين»، في إشارة إلى الاستعداد لشن حملات ضغط فاعلة؛ وكانت أسماء مثل «بيكر هيوز» و«كوبر» من بين الشركات الخاضعة لتدقيق المستثمرين النشطاء.

وصعد جيف سميث من صندوق «ستاربورد فاليو» إلى المنصة داعياً شركات مثل «تريب أدفايزر» إلى بيع أصول أو إعادة هيكلة جذريّة، ما يعكس المزاج العدواني للمستثمرين هذا العام.

وقد أطلقت 191 حملة نشطة خلال ثلاثة أرباع العام، متجاوزة معدلات الذروة السابقة، بحسب بنك «باركليز». وفي الوقت نفسه، تترقّب صناديق الملكية الخاصة بفرص الاستحواذ على الشركات العامة ذات الأداء المتوسط، إذ يتوفر لديها رأس المال والقدرة على الاستفادة من أسعار التمويل الجذابة لإتمام صفقات كبرى.

والمثال الأبرز كان استحواذ كونسورتيوم يقودُه «بلاكستون» و«تي بي جي» على مجموعة التكنولوجيا الطبية «هولوجيك» مقابل 18.3 مليار دولار، صفقة تبرز كيف أن التركيب المؤسسي المعقّد والتقييمات المتدنية يجعلان شركات بعينها أهدافاً سهلة للتحول إلى قطاع الملكية الخاصة.

وتُشّكل هذه الموجة اختباراً حقيقياً لتوازن السوق بين تحوّلات الملكية العامة والملكية الخاصة، وتضع ضغوطاً على مجالس الإدارات لتكون أكثر مرونة واستجابة للمطالب التغييرية من المستثمرين.

كما قد تؤدي إلى موجة من عمليات إعادة الهيكلة، وعمليات بيع أصول، وحتى عروض شراء كاملة للشركات المتردّية.

على صعيد منفصل لكن مرتبط بصورة أوسع عن اتساع نفوذ رأس المال الخليجي، يبرز اسم المهندس محمد العبار، المطور المرتبط ببرج خليفة، كمثال لرجل أعمال خليجي يمتد نشاطه الآن إلى ما وراء حدود دبي.

وقد تحدث العبار عن استراتيجية استثمارية تتجه إلى أسواق تتجنبها الاستثمارات الغربية، مستهدفاً بناء اقتصاد متسع يصل إلى «مليار نسمة». وتُظهر تحركاته، إلى جانب استثمارات صناديق ثروة إماراتية وانتشار شركات مثل «موانئ دبي العالمية» في أكثر من 80 دولة، نهج الإمارات في تكوين إمبراطورية اقتصادية خارج حدودها الجغرافية الصغيرة.

وتعيد الموجة الحالية من الاستحواذات الممولة بالديون تشكيل مشهد الشركات والأسواق: مستثمرون نشطاء يقلبون الأوراق، وصناديق ملكية خاصة مستعدة لشراء ما تُنبّه إليه الرقعة، ورجال أعمال إقليميون يوسعون نطاق تأثيرهم الجيو-اقتصادي.

والنتيجة قد تكون دورة حادة من عمليات الدمج وإعادة الهيكلة التي ستعيد تعريف من يملك ومن يدير الشركات في السنوات المقبلة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.