منذ إعادة انتخاب دونالد ترامب في نوفمبر 2024، شهدت شركته العقارية “منظمة ترامب” موجة توسّع غير مسبوقة على الساحة الدولية، مُعلنة عن 12 مشروعًا جديدًا خارج الولايات المتحدة خلال بضعة أشهر فقط، وهو ما يتجاوز بكثير سجلها خلال ولايته الأولى التي شهدت إعلان مشروعين خارجيين فقط.
وبينما تؤكد الشركة أن هذه المشاريع كانت قيد التفاوض قبل الانتخابات، يشير مسؤولون تنفيذيون إلى أن إعادة انتخاب ترامب أعادت الزخم للعلامة التجارية، ورفعت من حماسة الشركاء الدوليين لإبرام الصفقات.
يقول إريك ترامب، نجل الرئيس وأحد مديري المنظمة: “نحن العلامة التجارية الأكثر سخونة في العالم الآن”.
يأتي هذا التوسع على الرغم من توقيع الشركة في يناير 2025 اتفاقية أخلاقية تمنعها من التعامل المباشر مع الحكومات الأجنبية. إلا أن معظم المشاريع المعلنة تنطوي، بشكل أو بآخر، على شراكات مع كيانات على صلة بالحكومات، لا سيما في الشرق الأوسط.
الشرق الأوسط والهند في الصدارة
يشير تتبّع صحيفة وول ستريت جورنال للبيانات الصحفية وتقارير الإعلام المحلي إلى أن معظم التوسعات الجديدة تتركز في الخليج والهند.
فقد وقّعت منظمة ترامب خمس صفقات في الهند وحدها، بما فيها مشاريع سكنية فاخرة أطلقتها بالتعاون مع شريكها المحلي Tribeca Developers، الذي ترتبط عائلته بعلاقات وثيقة مع ترامب منذ عام 2013.
أما في الشرق الأوسط، فقد تعاونت منظمة ترامب مع كيانات مدعومة من حكومات خليجية لتنفيذ مشاريع بارزة، من بينها منتجع فاخر على شواطئ قطر ومشروع عملات مشفرة ضخم بقيمة 2 مليار دولار مع صندوق إماراتي حكومي.
كذلك، تشارك المنظمة في مشروع لتحويل مبنى وزارة الدفاع الصربية المُدمّر في بلغراد إلى فندق فاخر بقيمة 500 مليون دولار، عبر استئجار أرض من الحكومة.
في كل هذه الصفقات، تكرر منظمة ترامب التأكيد على أنها لا تتعامل مباشرة مع الحكومات، بل من خلال شركاء محليين. لكن منتقدين يشيرون إلى أن الفصل بين الحكومة والشركات في هذه الدول ليس واضحًا دومًا، ويُحتمل أن تؤدي هذه المشاريع إلى تضارب مصالح حاد إذا عاد ترامب إلى السلطة.
السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي علّق على الأمر بالقول: “الجميع يعلم أن هذه الدول تمنح المال لترامب لأنها تتوقع معاملة تفضيلية بالمقابل”.
ترخيص لا استثمار: نموذج يربح من الاسم فقط
رغم الضجة حول التوسّع، فإن منظمة ترامب لا تستثمر أموالها في معظم المشاريع، بل تعتمد على نموذج الترخيص: تمنح الشركاء حق استخدام اسم “ترامب” مقابل رسوم سنوية وخدمات إدارية.
وتكشف إفصاحات ترامب المالية أن المنظمة حصلت على أكثر من 9 ملايين دولار من 6 اتفاقيات ترخيص خارجية بين يناير 2023 وأغسطس 2024.
ومنذ نوفمبر الماضي، ضاعفت المنظمة تقريبًا عدد اتفاقياتها المُعلنة، في وقت كثّف فيه دونالد ترامب الابن وإريك ترامب جولاتهما الخارجية، حيث زارا 12 دولة في غضون 6 أشهر، وروّجا لما وصفاه بـ”رؤية ترامب للأعمال 2025″.
خلال تلك الجولات، التقيا رؤساء وزراء، وتحدثا في فعاليات اقتصادية، واستعرضا فرص توسيع الشراكات. في الهند، أكد كالبيش ميهتا، مؤسس Tribeca، أن الطلب على مشاريع ترامب العقارية ارتفع بعد الانتخابات، مشيرًا إلى مبيعات قياسية بلغت 300 مليون دولار لمشروع سكني في نيودلهي تم بيعه بالكامل في يوم الإطلاق.
مع ذلك، تُثير العودة إلى التوسع الخارجي تساؤلات حول الأخلاقيات السياسية واحتمال تكرار تضارب المصالح الذي أحاط بإدارة ترامب الأولى. وفي شهادة سابقة عام 2023، قال ترامب إنه طلب من أولاده عدم عقد صفقات دولية أثناء ولايته: “قلت لهم: لا تعقدوا صفقات. لسنا بحاجة إليها… لدينا الكثير من العقارات الرائعة. شغّلوها فقط”.
لكن، وبحسب تصريحات إريك ترامب الأخيرة، فإن العائلة لم تشعر بأنها حصلت على التقدير الكافي لتراجعها عن التوسّع الدولي في السابق، وهو ما يُفسّر اندفاعها نحو السوق العالمية اليوم. وفي كلماته: “هل يجب أن أوقف كل التوسع؟ لا أعرف الجواب… حاولت أن أفعل كل شيء بشكل صحيح، ومع ذلك، لا زلنا نوعًا ما تعرضنا للدهس”.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=71733