قدّم مصمم الرقصات البريطاني الشهير أكرم خان، البالغ من العمر 51 عامًا، هذا العام عرضًا جديدًا في السعودية حمل عنوان **«ذكـرى» (Thikra)**، في تجربة اعتبرها خطوة بارزة في مسيرته الفنية وطريقة للعمل في سياق محلي متغاير ثقافيًا.
وجمع العرض الذي شاركت فيه 14 راقصة للمرة الأولى على مسارح سعودية، بين عناصر من الثقافة العربية والجنوب آسيوية، ورافقته ورش مجتمعية ومبادرات محلية شاركت فيها أجيال متعددة من السكان.
ويتجاوز عمل خان الفني حدود الاستعراض البحت ليصبح مشروعًا مجتمعيًا؛ فهو معروف بتقاطع الرقص المعاصر مع الباليه الكلاسيكي والفنون البصرية، وتعاونه مع أسماء عالمية من بينهم كايلي مينوغ وجولييت بينوش وأنِش كابور.
وقد وُلد خان في لندن لوالدين بنغلاديشيين وتدرّب على رقصة الكاثاك الهندية، لكن مسيرته الفنية جعلته من أكثر صُنّاع الرقص المعاصر ابتكارًا عالميًا.
وخلال مقابلة مع صحيفة “التايمز” البريطانية، تحدث خان بصراحة عن سبب موافقته على العمل في السعودية رغم تحفظاته العامة على التعاون مع دول يُنتقد سجلها في حقوق الإنسان.
وقال: «من الصعب السفر اليوم دون مواجهة التحديات، ولديّ تحفظات على العمل مع كل الدول تقريبًا… بالنسبة لي، الأمر يتعلق بالرغبة في إنتاج عمل فني يمكن أن يكون جزءًا من التغيير. وقد وافق السعوديون على جميع شروطي. طلبت أن تشارك 14 امرأة في الرقص على المسرح، وكان ذلك طلبًا كبيرًا».
وتجربة «ذكـرى» شملت تعاونًا محليًا مكثفًا؛ فقد تعاون خان مع الفنانة السعودية التشكيلية منال الضويان لتأطير العرض بصريًا وسرديًا، واعتمد العرض على استلهام أساطير محلية نسائية.
كما دعا خان المجتمع المحلي للمشاركة في الأداء من الأطفال إلى المسنين، وشارك البعض في صنع الأزياء والدعائم خلال ورش عمل استمرت أسابيع، ما أضفى صفة إرثية على المشروع بحسب خان: «أردت أن أروي قصة مستوحاة من الأساطير… وأن يشارك المجتمع المحلي في الأداء».
لكن الخبر الأبرز في مقابلة خان مع الصحيفة كان قراره إغلاق فرقته التي أسسها عام 2000 بعد 25 عامًا. أرجع خان إغلاق فرقة أكرم خان إلى تغيّر جذري في مناخ الإنتاج المسرحي العالمي، وأشار إلى تأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
قال: «كانت فرقتي قائمة على نموذج الجولات، لكننا لم نعد نعيش في عالم الجولات… إنجلترا وبريكست جعلا الأمر بالغ الصعوبة». وأوضح أن القيود التأشيرية والبيروقراطية أضرت بقدرة الفرق على التنقل وإقامة عروض في أوروبا، ما وضع نموذج التمويل والجولات التقليديين تحت ضغط مستمر.
في مواجهة ذلك، يتجه خان نحو نموذج جديد: إنتاجات مخصّصة للمكان المستخدم، مع مقيمات فنية تتعاون مع المجتمعات المحلية وتترك أثرًا دائمًا بدل الاعتماد على جولة عالمية تقليدية. ووصف هذه الرغبة بالعمل «كمجموعة متنقلة» تقيم مؤقتًا في كل موقع لإخراج عمل مرتبط بمكانه التاريخي والثقافي.
أما المشاريع المستقبلية فثريّة؛ يذكر خان عملًا جديدًا لـ«الليدي ماكبث» مع فرقة الباليه الملكية الدنماركية، ومشروعًا مستوحى من بينوكيو لفرقة السيرك التشيكية «لا بوتيكا»، إضافة إلى ثنائي لأوبرا دار الأوبرا الملكية في مايو 2026.
وأكد أن بعض المشروعات الكبرى أجلت ليُعطى لها وقتها ومستحقّها الفني، خصوصًا التعاون مع الباليه الملكي في لندن.
على الصعيد الشخصي، تحدّث خان عن انعكاسات المناخ السياسي والاجتماعي في بريطانيا على شعوره بالانتماء؛ فقد زادت أحداث اليمين المتطرف والإساءات العنصرية في السنوات الأخيرة من إحساسه بالقلق على نفسه وأسرتيه.
قال: «أشعر الآن بأنني أقل انتماءً، بل خائف قليلاً… ما الذي يمنع أحدهم من الظن أنني مهاجر غير شرعي؟» وأضاف أنه يحاول أن يتحكّم في غضبه ويستعيد إيمانه بالجمال كقوة تحوّل ومواجهة للظلم.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72978