فيتش: إصلاح الصكوك الإماراتي غير كافٍ لتغيير النظرة التصنيفية للسندات الإسلامية

أعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن الإصلاح الذي أجرته الإمارات لتعزيز حماية المستثمرين في حالات تعثر مُصدري الصكوك لا يكفي — في مرحلةٍ الراهن — لرفع درجات هذه الصكوك أو معاملتها كأوراق مضمونة أو ذات أولوية أعلى داخل هيكل رأس المال.

وجاء بيان الوكالة بعد شهور من إدخال أبوظبي «قاعدة بيع الحقوق» في مايو 2025، والتي تهدف إلى منح الوكلاء قدرةً أكبر على تسجيل ملكية الأصول الأساسية حال فشل المُصدر في السداد.

قال بشار النطور، الرئيس العالمي للتمويل الإسلامي في فيتش، إن «الإصلاح غير كافٍ» نظراً لغياب السوابق القضائية والشكوك حول الإطار القانوني والتنظيمي وتنفيذ الاتفاقيات على أرض الواقع.

وأضاف النطور أن المحرك الحقيقي لتغيير نهج الوكالة سيكون ظهور سابقة قانونية أو تنظيمية واضحة تثبت أن الوكلاء قادرون عملياً على تملّك الأصول والتصرف بها لدى التعثر، وهو ما لم يظهر بعد. وأشار إلى أن فيتش قد تعيد النظر في موقفها حال ظهور مثل تلك السوابق.

ولم يتلقَّ التقرير تعليقاً رسمياً من المصرف المركزي الإماراتي. لكن مصادر مصرفية في المنطقة أكدت أن بعض المُصدرين في الخليج — من الإمارات والسعودية والكويت وعُمان — أبدؤوا بالفعل إدراج بنود تسمح للوكلاء بتسجيل ملكية الأصول عند التعثر، في محاولةٍ لتقريب هيكل الصكوك من خصائص السندات المضمونة دون المساس بالامتثال لمبادئ الشريعة.

ويأتي موقف فيتش في ظل نقاش أوسع على المستوى الدولي يقوده مجلس «الهيئة العليا للشرعية» في الإمارات من جهة، و«هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية» (AAOIFI) في البحرين من جهة ثانية.

وتضع AAOIFI اللمسات النهائية الآن على «المعيار رقم 62» المقترح، الذي قد يُلزِم المُصدرين بنقل الملكية الفعلية للأصول الأساسية إلى المستثمرين، ما قد يؤدي إلى تحويل طبيعة الصكوك بشكل جوهري — من أدوات تُحاكي الدين إلى هيكلٍ أقرب إلى حقوقٍ في الأصول أو أسهم.

وحذر محلّلون من أن تطبيق معيار 62 بصياغة صارمة قد يخلق حالة من الارتباك لدى المستثمرين ووكالات التصنيف؛ إذ قد يُنظر إلى الصكوك حينها على أنها أوراقَ أقل تشابهًا مع الديون التقليدية، ما يغيّر قواعد التقييم والهيكلة والضرائب وحتى المحاسبة.

وقال النطور إن التأثير الفعلي سيعتمد على «الصياغة النهائية للمعيار، وسرعة اعتماده، وكيفية انعكاسه في الوثائق التنفيذية».

رغم هذا الشكّ التنظيمي، تشهد سوق الصكوك ازدهارًا غير مسبوق. تسجل فيتش أن الربع الثالث من عام 2025 كان الأكثر نشاطًا تاريخيًا من حيث الإصدارات، إذ جُمِع نحو 80 مليار دولار عبر الأسواق الأساسية، بزيادة قدرها 89% عن العام السابق.

كما تمثل الصكوك الآن نحو 16% من إجمالي الديون الدولارية في الأسواق الناشئة باستثناء الصين، فيما ارتفع المؤشر العالمي للصكوك الدولارية بنحو 7% في 2025، مسجلاً عامه الثالث من المكاسب المتتالية.

تُرجِع البنوك ومُعِدّو الصكوك هذا الزخم إلى عودة الشركات والدول إلى أسواق الدين بعد فترة تقلبات عالمية، إلى جانب اهتمام متزايد من مستثمرين دوليين يسعون لتنويع محافظهم عبر أدوات متوافقة مع الشريعة.

ومع ذلك، يبقى المستثمرون متحفظين بشأن التغييرات القانونية المحتملة: فتحويل صكوك غير مضمونة إلى صكوك تُعتبر ذات أولوية يتطلب وضوحًا قضائيًا وتنظيميًا متمثلاً في إجراءات التسجيل الفعلية وإمكانية تنفيذها أمام المحاكم، وهو ما لم يتبلور بعد في كثير من التشريعات الإقليمية.

من ناحية السياسات، يرى محلّلون أن الدول المصدرة تحتاج إلى إطارٍ قانوني متكامل يتضمن آليات تسجيل ملكية الأصول، وضمانات لحقوق الدائنين، وإجراءات إفصاح واضحة، إضافة إلى تعاون عابر للحدود بين هيئات الإشراف.

وفي غياب هذا الإطار، من المرجح أن تستمر وكالات التصنيف في التعامل مع معظم صكوك الدرجة الاستثمارية أو ما دونها كأوراق غير مضمونة — ما يُبقي كلفة الاقتراض لبعض المقترضين عند مستويات أعلى.

وتمثل خطوة الإمارات محاولـة إيجابية لإضفاء مزيد من حماية المستثمرين وإضفاء صفاتٍ تشبه الضمانات على بعض الصكوك، لكنها — بحسب فيتش — لا تقلب قواعد اللعبة بمفردها.

ويظل الرهان الآن على تفعيل أحكام التسجيل قانونيًا وظهور سوابق قضائية وتنفيذية ترسخ حقوق المستثمرين عمليًا، وكذلك على الصياغة النهائية لمعيار AAOIFI وما إذا كانت ستوفر حلاً عالمياً موحداً للتحديات الهيكلية للصكوك.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.