صندوق النقد يرفع توقعات نمو السعودية إلى 4% في 2025

رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصاد السعودية في عام 2025 إلى 4% بدلًا من 3% في توقعات أبريل، مع إبقاء تقدير 2026 عند 4% أيضًا، مرجعًا التحسن إلى تفكيك أسرع من المتوقع لتخفيضات إنتاج النفط لدى أكبر مُصدّر للخام عالميًا وإلى متانة الأداء غير النفطي، بحسب أحدث تقرير آفاق الاقتصاد العالمي (WEO) الصادر خلال اجتماعات الصندوق والبنك الدولي في واشنطن.

وأكّد الصندوق أن تسارع النمو في اقتصادات الخليج المصدّرة للطاقة سيدعم زخم منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى عمومًا؛ إذ رُفعت توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي لعام 2025 إلى 3.5% من 3% في أبريل، على أن يرتفع إلى 3.8% في 2026، مع انحسار اضطرابات الإمدادات النفطية وتراجع أثر النزاعات على التجارة والشحن.

النفط أولًا… لكن ليس وحده

يرى الصندوق أن التراجع الأسرع لقيود إنتاج «أوبك+» يعيد أحجام الضخ تدريجيًا، بما ينعكس على مسار النمو في المملكة خلال 2025–2026.

وفي موازاة ذلك، تُظهر الإشارات الرسمية أن المحرك غير النفطي يواصل التوسع؛ إذ تتوقع وزارة المالية السعودية نموًا أقوى للأنشطة غير النفطية مقارنة بالناتج الإجمالي، فيما أفاد بيان ما قبل الميزانية بأن الأداء غير النفطي والبرامج الداعمة يُرجّح أن يقودا تحسّن الإيرادات على المدى المتوسط.

وتتوافق هذه الصورة مع لهجة تقارير ميدانية تفيد بأن القطاع الخاص غير النفطي استعاد زخمه في الربع الثالث، وأن توقعات الحكومة تشير إلى نمو حقيقي 4.4% في 2025 تدفعه الأنشطة غير النفطية، مع افتراض ارتفاع تدريجي في إنتاج الخام.

كما أشارت وكالة «فيتش» إلى سعي السلطات لتشديدٍ مالي تدريجي عبر زيادة الإيرادات غير النفطية وتعديلات إنفاق محدودة لضبط العجز مع تراجع أسعار النفط عن ذروتها.

الخليج أسرع القطاعات نموًا

لا يقتصر رفع التوقعات على السعودية وحدها؛ إذ تُظهر تغطيات اقتصادية حديثة أن دول مجلس التعاون تستفيد من عودٍ تدريجي للإنتاج النفطي وتدفّق الاستثمارات، مع الحفاظ على تضخم متدنٍ نسبيًا.

وفي هذا السياق، رجّح استطلاع لرويترز نمو السعودية بنحو 4%+ في 2026 مدفوعًا بزيادة الأحجام النفطية واستمرار تنويع القاعدة الاقتصادية، وهو ما ينسجم مع تصور الصندوق لنموٍ إقليمي أعلى في 2026.

وتؤكد السلطات السعودية أن «رؤية 2030» تواصل ضخ استثمارات ضخمة في السياحة والصناعة والتقنيات المتقدمة، مع برامج توطين وفرص عمل في القطاع الخاص.

ووفق بيان ما قبل الميزانية، تتوقع المالية السعودية تحسّن الإيرادات تدريجيًا إلى 1.147 تريليون ريال في 2026 و1.294 تريليون ريال في 2028، مقابل مسار إنفاق متحفظ نسبيًا لضبط الاختلالات.

لكن وكالات التصنيف تحذر من أن اتساع العجز في حال بقاء الأسعار النفطية تحت الضغط قد يفرض تعديلات في نطاق المشاريع أو وتيرة تنفيذها.

مخاطر قائمة

رغم رفع التوقعات، يبقى المسار محفوفًا بعدة مخاطر:

أسعار النفط العالمية: أي هبوط حادّ وممتد في الأسعار قد يبدّد أثر زيادة الكميات المنتَجة ويضغط على الإيرادات، ما يعقّد أهداف الضبط المالي.

البيئة المالية العالمية: تحذّر تقارير الصندوق من ارتفاع المديونية عالميًا وتزايد المخاطر الجيوسياسية والتجارية، ما قد ينعكس على كلفة التمويل وأسواق الصادرات في الاقتصادات الصاعدة.

وتيرة الإصلاحات: يُنظر إلى الحفاظ على زخم التنويع غير النفطي وتحسين إنتاجية العمل بوصفهما شرطين لرفع النمو المحتمل وتخفيف التذبذب المرتبط بالدورات النفطية.

وبالنسبة للمستثمرين، يُترجم رفع التوقعات إلى تحسن في رهانات النمو للقطاعات غير النفطية (الإنشاءات، الخدمات، اللوجستيات) وقوة إنفاق رأسمالي انتقائية مع مرور 2026، إذا ما حافظت الإيرادات النفطية على توازنها عبر الحجم والسعر.

كما أن تحسّن نمو المنطقة إلى 3.5% في 2025 يدعم النظرة الإيجابية لفرص الائتمان والشركات الإقليمية، مع بقاء حساسية واضحة لأي اضطرابات في التجارة والطاقة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.