أثار تصنيف الاتحاد الأوروبي مصر والمغرب وتونس “دولا آمنة “صدمة بين المعارضين في ظل ظهور الدول المعروفة بانتهاكاتها لحقوق الإنسان في قائمة أوروبية جديدة تُستخدم لرفض طلبات اللجوء.
ولا تتوقع جهاد خالد العودة إلى وطنها مصر قريبًا. وإن فعلت، فمن المرجح أن تجد نفسها في السجن مع عشرات الآلاف من السجناء السياسيين الآخرين المحتجزين منذ استيلاء الرئيس عبد الفتاح السيسي على السلطة عام ٢٠١٣.
مثل ملايين آخرين من بلدان مختلفة، سعت خالد إلى اللجوء في أوروبا هرباً من العنف والاضطهاد في وطنها، حيث لا تزال والدتها المحامية هدى عبد المنعم تقبع في السجن.
ولذلك، شعرت بالصدمة عندما رأت مصر مدرجة ضمن ستة “دول آمنة” أخرى في المبادئ التوجيهية الجديدة التي أصدرها الاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء، والتي تهدف على ما يبدو إلى تبسيط عملية معالجة طلبات اللجوء في التكتل.
قالت جهاد “أتمنى حقًا أن تكون مصر بلدًا آمنًا. لكنت على الأقل أعيش مع عائلتي الآن، ولن أضطر إلى التقدم بطلب لجوء، فأنا أيضًا معرضة لخطر السجن في مصر بسبب أنشطتي في الدفاع عن السجناء السياسيين ولكن للأسف، ليس هذا هو الوضع.”
كما تم إدراج دولتين أخريين في شمال أفريقيا – تونس والمغرب – في القائمة الأولى للاتحاد الأوروبي للدول الآمنة، إلى جانب الهند وكولومبيا وبنجلاديش وكوسوفو .
كما يمكن اعتبار الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مثل تركيا، آمنة “من حيث المبدأ”.
وفي بيان صحفي، قالت المفوضية الأوروبية إن القائمة الجديدة للاتحاد الأوروبي من شأنها أن تكمل القوائم الوطنية للدول الأعضاء للدول الآمنة و”تدعم تطبيقًا أكثر توحيدًا لهذا المفهوم، والذي يسمح للدول الأعضاء بمعالجة طلبات اللجوء المقدمة من مواطني الدول المدرجة في القائمة في إجراء سريع، على أساس أن طلباتهم من غير المرجح أن تكون ناجحة”.
وأبرزت المفوضية – نقلا عن تحليل من وكالة اللجوء التابعة للاتحاد الأوروبي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين – إن سكان مصر “لا يواجهون، بشكل عام، اضطهادا أو خطرا حقيقيا للتعرض لأذى جسيم”.
وذكرت خالد، المقيمة الآن في بلجيكا، أن والدتها البالغة من العمر 66 عامًا، وهي مدافعة بارزة عن حقوق الإنسان وعضو سابق في المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مصر، مسجونة في البلد الآمن المفترض منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
وبعد ثلاث سنوات من الحبس الاحتياطي، وجهت إليها تهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي.
قالت “أنهت عقوبتها في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ثم، في نفس اليوم الذي كان من المفترض أن تُطلق سراحها فيه، أُدرجت في قضية جديدة بنفس التهم، وهو أمر غير قانوني حتى بموجب القانون المصري”.
وتابعت “الآن، بعد مرور عام ونصف، تم إدراجها في قضيتين بنفس التهم، وليس لدينا أي فكرة عن متى سينتهي هذا لأنه من الواضح جدًا أنه لا يوجد حكم قانوني يمكننا الاعتماد عليه.”
تحتل مصر المرتبة الثامنة عشرة من بين 100 دولة في مؤشر “الحرية في العالم” الصادر عن منظمة فريدوم هاوس ، بعد الجزائر والعراق والأردن ، التي لم تُدرج أي منها في القائمة الجديدة للدول الآمنة. ويُعتقد أن مصر تضم أكثر من 60 ألف سجين سياسي.
وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة المصرية بأنها منخرطة في “قمع واسع النطاق، واحتجاز ومعاقبة المنتقدين والنشطاء السلميين بشكل منهجي، وتجريم المعارضة السلمية بشكل فعال”، في حين “ظل الآلاف من المعتقلين محتجزين في ظروف مزرية في الحبس الاحتياطي المطول أو بأحكام ناجمة عن محاكمات غير عادلة”.
وقالت سمر الحسيني، المديرة التنفيذية للمنتدى المصري لحقوق الإنسان، إن استنتاج الاتحاد الأوروبي غير دقيق من الناحية الواقعية وخطير سياسيا.
وأضافت “بعد انهيار نظام الأسد في سوريا، أصبحت مصر الآن تضم أكبر عدد من السجناء السياسيين في المنطقة، مع تقديرات تتجاوز 60 ألف معتقل”.
وأوضحت “أن هذه ليست حالات معزولة أو استثنائية؛ بل إنها تعكس نظامًا متجذرًا من القمع”.
وقد أمضى الاتحاد الأوروبي سنوات عديدة في محاولة وقف تدفق اللاجئين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط من شمال أفريقيا.
وفي بيانها الصحفي، قالت المفوضية إن المقترحات الجديدة، التي لا تزال تتطلب موافقة البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي، لا تزال تنصح الدول الأعضاء بإجراء تقييمات فردية للطلبات “بشكل مستقل” عن ما إذا كان الشخص قد جاء من إحدى دول المنشأ الآمنة المحددة أم لا.
لكن جماعات حقوق الإنسان أشارت إلى انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في العديد من البلدان المدرجة والمشمولة ضمناً بموجب القواعد الجديدة.
وبالإضافة إلى مصر، واجهت المغرب وتونس أيضا تدقيقا بشأن معاملتهما لشخصيات المعارضة ونشطاء حقوق الإنسان.
أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش، الأربعاء، تقريرا قالت فيه إن تونس تواجه حاليا أسوأ قمع شهدته منذ عام 2011، وهو العام الذي أطاح فيه النشطاء المؤيدون للديمقراطية بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.
ووثقت المنظمة 22 حالة لأفراد تم اعتقالهم بتهم وصفتها بالمسيئة، بما في ذلك الإرهاب ، فيما يتصل بتصريحاتهم العامة أو أنشطتهم السياسية.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=71278