جاء إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا ليمنح بارقة أمل لرواد الأعمال السوريين، الذين رأوا في القرار بوابة لانطلاق مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي وعودة سوريا إلى خريطة الأسواق العالمية.
الإعلان جاء خلال زيارة ترامب إلى السعودية الثلاثاء الماضي، حيث قوبل بتصفيق حار في منتدى الاستثمار الأميركي السعودي، وسط ترقب واسع لتداعيات الخطوة على الاقتصاد السوري وقطاعاته الحيوية.
يقول خالد مصطفى، المؤسس المشارك لتطبيق YallaGo لخدمات تأجير السيارات: “رفع العقوبات يمثل نقطة تحوّل رئيسية لإحياء بيئة الشركات الناشئة في سوريا. أصبح بإمكاننا الآن الوصول إلى أسواق واستثمارات وأدوات رقمية لم تكن متاحة من قبل، ما يفتح الباب أمام فصل جديد للنمو الاقتصادي والتحول الرقمي”.
العقوبات الأميركية التي فرضت منذ عام 2011 شملت قطاعات حساسة مثل المصارف والتصدير والتكنولوجيا، وهو ما أدى إلى عزلة اقتصادية خانقة، وفاقم من آثار الحرب الأهلية التي مزّقت الاقتصاد السوري، وأجبرت ملايين السوريين على النزوح.
الشركات الناشئة تقود مرحلة التعافي
برغم الأوضاع الصعبة، يرى رواد الأعمال السوريون أن الوقت بات مناسبًا لتأسيس مشروعات محلية تُعالج التحديات الملحة.
أحمد سفيان بيرم، رائد أعمال ومستشار في وزارة الاتصالات السورية، أطلق مؤخرًا برنامج “هاك من أجل سوريا” بمشاركة 5000 شاب سوري، لتطوير حلول تقنية في مجالات الصحة، التعليم، والبنية التحتية.
يقول بيرم: “لا يمكننا الانتظار طويلاً للحصول على دعم المانحين الدوليين. التعافي يتطلب حلولاً سريعة وواقعية للمشاكل اليومية التي يعانيها السوريون”.
في السياق ذاته، يرى أكرم بوستاتي، مؤسس شركة Study Loop لتكنولوجيا التعليم، أن رفع العقوبات سيمنح الشركات الناشئة السورية مكاناً على خريطة ريادة الأعمال العالمية.
اقتصاد متعثر لكنه واعد
رغم الخسائر التراكمية التي قدرتها الأمم المتحدة بأكثر من 923 مليار دولار حتى نهاية 2024، يُراهن اقتصاديون على قدرة القطاع الخاص على تحريك عجلة النمو.
يقول الباحث الاقتصادي خالد التركاوي: “العقوبات كانت كالسلاسل التي تعيق نمو الاقتصاد السوري. رفعها يفتح المجال أمام المشاريع الصغيرة لتوفير فرص العمل وإنعاش السوق، حتى وإن كانت البداية محدودة”.
وكانت القيود المفروضة على المعاملات المالية والحظر على أدوات التكنولوجيا قد شكّلت عائقاً كبيراً أمام رواد الأعمال السوريين، الذين اعتمدوا طيلة السنوات الماضية على التمويل الذاتي.
عودة الكفاءات السورية من الخارج
مع تحسن الوضع السياسي، بدأت أعداد من السوريين بالعودة إلى البلاد. وتشير تقديرات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى عودة نحو 400 ألف لاجئ من الدول المجاورة منذ ديسمبر الماضي، فضلاً عن أكثر من مليون نازح داخلي.
هذه العودة صاحبتها جهود لربط الكفاءات السورية بالخارج بالاقتصاد المحلي، من خلال مؤتمرات مثل “سوريا التالية” ومؤتمر الذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال الذي نظمته المنظمة العربية لتكنولوجيا المعلومات في دمشق هذا العام.
والشركات الناشئة ترى في الوضع الراهن فرصة لبناء مشاريع جديدة.
عبد الملك المزين، الشريك المؤسس لتطبيق BeeOrder لخدمات طلب الطعام، يسعى لتوسيع فريقه بجذب كفاءات سورية من الخارج، مع خطط لزيادة قاعدة المستخدمين من 80 ألفاً إلى 1.5 مليون، والتوسع في مدن مثل إدلب.
بدورها، تخطط YallaGo لتوسيع عملياتها إلى درعا والسويداء واللاذقية خلال الأسابيع المقبلة.
يقول مصطفى: “سوريا اليوم تمثل سوقاً غير مستغلة. هناك إمكانيات هائلة للبناء والإبداع في قطاعات التكنولوجيا، التعليم الرقمي، والزراعة الذكية”.
ورغم التحديات الأمنية واللوجستية، يتفق رواد الأعمال السوريون على أن رفع العقوبات يُشكل خطوة محورية تمهّد الطريق لمرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي، معززين ببيئة أعمال مرنة وقدرات بشرية شابة.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=71605