يخطو دوري كرة القدم الأميركية (NFL) خطوة كبيرة خارج ملعبه التقليدي نحو الخليج، معلنًا إقامة بطولة استعراضية بنسخة “العَلَم” (Flag Football) بعنوان Fanatics Flag Football Classic في مملكة أرينا بالرياض يوم 21 مارس/آذار 2026، تتصدرها مشاركة أسطورة السوبر بول توم برادي ونخبة من نجوم الدوري الحاليين والسابقين.
ويرى المنظمون أن الحدث سيكون “البرومو” الأبرز قبل الظهور الأول لكرة القدم بالعلم في أولمبياد لوس أنجلِس 2028، حيث تأمل الرابطة أن يشحن الإدراج الأولمبي نمو اللعبة عالميًا ويحوّلها من منافسة أميركية الطابع إلى منتج رياضي كوني.
وسيقام الحدث—الذي تُنتجه OBB Media وFanatics— بنظام مجموعات بين ثلاثة فرق مكونة من ثمانية لاعبين، يتأهل أفضل فريقين إلى النهائي.
ومن بين الأسماء المعلَنة: ساكون باركلي (إيغلز)، سي دي لامب (كاوبويز)، كريستيان مكافري (فورتي ناينرز)، سوس غاردنر (جيتس)، بروك باورز (رايدرز)، ماكس كروسبي (رايدرز)، تايريك هيل (دولفينز) ومايلز غاريت (براونز).
وستُبث المنافسات مباشرة عبر FOX Sports وTubi، على أن يتولى تقديمها الكوميدي والممثل كيفن هارت، مع وعود بإضافة مشاركين من رياضات وترفيه لاحقًا.
وقال توم برادي في بيان إن كرة القدم بالعلم “تجمع المشجعين من كل الأعمار” وإن تقديمها على منصة كهذه “فرصة لإظهار مهارات اللعبة وخفتها بعيدًا عن الالتحامات”.
فيما رأى مايلز غاريت أن الحضور في الرياض “خطوة لعرض اللعبة على جمهور جديد” وإشعال شرارة انتشارها خارج أميركا الشمالية: “مثلما نمت بقية الرياضات عالميًا، نريد أن تصبح لعبتنا عالمية أيضًا”.
لكن ما تحمّله البطولة من رسائل يتجاوز الجانب الرياضي البحت. بالنسبة للـNFL، تمثل الرياض محطة استراتيجية ضمن خطة توسع طويلة: مباريات موسم عادي في أوروبا، تسويق في أميركا اللاتينية، واليوم منصة خليجية ضخمة تربط اللعبة بجمهور شاب وأسواق رعاية جديدة.
ومع اقتراب لوس أنجلِس 2028، تبدو كرة “العَلَم” فرصة مثالية: نسخة سريعة الإيقاع، أقل تكلفة، وأقل مخاطر بدنية، ما يجعلها سهلة الترويج للمجالس الأولمبية والجهات الراعية والمدارس.
في المقابل، يشتبك الحدث مع سردية سعودية أوسع توظف الرياضة كرافعة لصورة البلاد واقتصادها، بعد استثمارات مليارية في LIV Golf، وصفقات كرة قدم أوروبية، ونزالات ملاكمة عالمية، وأحداث فورمولا.
ويرى المدافعون أن ذلك “تنويع اقتصادي وانفتاح ثقافي”، بينما يعتبر منتقدون—ومنظمات حقوقية—أن استقطاب النجوم والبطولات الكبرى يدخل في خانة “غسل السمعة الرياضية”: تسخير بريق المنصات لصرف الأنظار عن سجل حقوق الإنسان وقمع المعارضة، وقضايا شهيرة مثل مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
ويضع هذا الجدل الرياضيين أمام معادلة أخلاقية–مهنية معقدة. بعض النجوم يراهن على “قوة التأثير من الداخل”: حضورهم قد يخلق مساحات جديدة للجمهور المحلي ويُكسر الصور النمطية عن اللعبة ويشجع جيلًا أصغر على ممارستها.
ويرفض آخرون الدعوات أو يضعون شروطًا صارمة تتعلق بحرية التعبير والرسائل الاجتماعية الملازمة للحدث. في الوسط، تُفضّل الرابطة وشركاؤها خطاب “الحياد الرياضي” والتركيز على النمو والأسواق والفرص الأولمبية.
اقتصاديًا وتسويقيًا، تحمل البطولة مكاسب واضحة بحقوق بث دولية لمنصات أميركية، رعاة جدد في سوق خليجية ذات إنفاق عالٍ، وتجربة جماهيرية حديثة في منشأة عملاقة مثل “مملكة أرينا”.
كما يُعدّ إشراك أسماء من خارج كرة القدم الأميركية—موسيقى، ترفيه، أو نجوم ألعاب أخرى—وسيلة لجرّ شرائح من الجمهور لا تعرف قواعد اللعبة بعد، ما يوسّع قاعدة الاهتمام بالمنتج الأولمبي المستقبلي.
أما رياضيًا، فتراهن الـNFL على أن كرة “العَلَم” ستكون بوابة عبور إلى اللعبة الأم: من المدرسة والساحات العامة إلى الأكاديميات، ومن ثم إلى متابعة الدوري المحترف. إدراجها في الأولمبياد يعطي الرابطة شيئين لا يقدّمهما السوبر بول: شرعية أولمبية ورواية “رياضة للجميع”، خاصة للفتيات والناشئين، نظرًا لغياب الاحتكاك العنيف وقلة العوائق اللوجستية.
مع ذلك، سيبقى الحدث تحت ميكروسكوب النقد قبل وبعد صافرة النهاية. سيُقاس نجاحه بعدد المشاهدات العالمية، وبالزخم الرقمي، وبقدرة المنظمين على الحفاظ على السرد الرياضي بعيدًا عن مطبّات السياسة التي رافقت فعاليات أخرى في المملكة.
أما بالنسبة للرابطة، فالتحدي الحقيقي يبدأ بعد الرياض: كيف تُترجم ليلة واحدة إلى بنية مستدامة—دوريات مدرسية وجامعية، برامج تدريب للمدربين، ومسارات مواهب—تجعل من كرة “العَلَم” قصة نمو حقيقية وليس عنوانًا عابرًا.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72937