تقارير: واشنطن بوست: شرق أوسط جديد بقيادة إسرائيل ودول الخليج بعد صفقة غزة

يرى الكاتب الأميركي فريد زكريا أن وقف إطلاق النار الذي وُقِّع بين إسرائيل وحماس يشكّل «صفقة» معقّدة قد تنهار في أي لحظة إذا أخلّ أحد الطرفين بتعهداته، لكنه في الوقت نفسه يفتح نافذة محتملة لإنهاء العنف في غزة.

ويخلص زكريا، في مقال نشرته واشنطن بوست، إلى أن ديناميكيات إقليمية جديدة دفعت الاتفاق إلى الأمام، غير أن تثبيت الهدوء يتطلب في النهاية تبنّي حل الدولتين بوصفه المسار الوحيد القابل للاستدامة.

ويؤكد زكريا أن إسرائيل تبقى الطرف الأكثر نفوذًا على الأرض، وأن أي ترتيبات أمنية أو سياسية لا يمكن أن تمضي من دون موافقتها.

وينقل عن المحلل الجمهوري دان سنور قوله إن الصيغة المطروحة «خطة قابلة للهضم إسرائيليًا»، أو على الأقل مبادرة أميركية صِيغت بحيث تتعايش معها تل أبيب. هذا التموضع، وفق الكاتب، تعزّز خلال العامين الماضيين مع نجاحات إسرائيل في مواجهات خارجية وامتلاكها زمام المبادرة عسكريًا وسياسيًا.

رأس مال سياسي لانتزاع تنازلات

يشير المقال إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب استخدم «رصيده السياسي» لدى الإسرائيليين للدفع نحو الصفقة، مستثمرًا صدمة الهجوم الإسرائيلي على عناصر من حماس في الدوحة وما أثاره من غضب إقليمي.

ويدّعي زكريا أن البيت الأبيض تعامل مع قبول حماس الجزئي كما لو كان قبولًا كاملًا، ما فرض إيقاعًا تفاوضيًا سريعًا وأجبر الحكومة الإسرائيلية على اللحاق به، رغم مظاهر التردد لاحقًا.

ويوثّق الكاتب خريطة الأطراف الحاضرة في المفاوضات: الولايات المتحدة، إسرائيل، قطر، تركيا، ومصر إلى جانب حماس. ويشرح أن مشاركة القاهرة في هذا الملف مرتبطة بخصوصية معبر رفح ودوره في تدفق المساعدات، وأنها تعكس ملامح «الشرق الأوسط القديم» الذي كانت تقوده دول ذات ثقل سكاني وثقافي.

لكنّ الشرق الأوسط الجديد، برأيه، بات تُمسك بخيوطه إسرائيل ودول الخليج، مع صعودٍ لافت لدور قطر كوسيط «لا غنى عنه» بفضل انفتاحها على أطراف متناقضة وقدرتها على إدارة قنوات اتصال حسّاسة.

ويضيف أن السعودية تتحرك بحذر في موازنة القوة الإسرائيلية، فيما تسعى الدوحة إلى مظلة ضمانات أمنية أميركية. هذان المساران يعكسان انتقال مركز الثقل الإقليمي إلى دولٍ تركّز على الاستقرار والحداثة والتكنولوجيا أكثر من شعارات القومية القديمة.

تراجع التهديد الإيراني

بحسب زكريا، تراجعت القدرة الردعية لإيران خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية بفعل الأزمات الاقتصادية والاضطرابات الداخلية والانقسامات في النخبة الحاكمة، إضافة إلى سلسلة ضربات إسرائيلية موجعة استهدفت برنامجها النووي وكوادره.

ويشير إلى أن الهجمات الواسعة في يونيو شكّلت ذروة هذا المسار، ورسّخت قناعة لدى عواصم عربية بأن خطر طهران «قابل للاحتواء» ضمن المعادلة الراهنة.

وينهي الكاتب بالقول إن جميع البدائل المطروحة تاريخيًا—من الاحتلال الدائم إلى الدولة الواحدة أو الترحيل—ثبت فشلها.

ويستشهد بمقال للدبلوماسي الراحل مارتن إنديك في فورين أفيرز بعنوان «العودة الغريبة لحل الدولتين»، ليؤكد أن المسارات الأخرى تؤدي إلى طرق مسدودة، وأن الأطراف ستعود «ولو على مضض» إلى صيغة الدولتين إذا أرادت سلامًا قابلًا للحياة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.