تفويض اليونيفيل في لبنان يواجه تصويتًا حاسمًا في مجلس الأمن

يتجه مجلس الأمن الدولي، يوم الخميس، إلى التصويت على مستقبل قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، التي تنتشر منذ أكثر من أربعة عقود في الجنوب اللبناني.
ويأتي التصويت في ظل تصاعد التوترات على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، وفي لحظة سياسية وأمنية حساسة تهدد استقرار البلاد والمنطقة.
وينص مشروع القرار المطروح للتصويت على تمديد مهمة اليونيفيل حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2026، على أن يكون هذا التمديد “الأخير”.
ووفقًا للنص، فإن عملية سحب القوات، البالغ عددها نحو 10,800 عسكري ومدني، ستبدأ مباشرة بعد التمديد وبالتنسيق مع الحكومة اللبنانية، على أن تُستكمل خلال عام واحد.
ويعكس هذا التوجه رغبة متزايدة داخل الأمم المتحدة وبعض العواصم الكبرى في إنهاء المهمة التي بدأت عام 1978، عقب الغزو الإسرائيلي للبنان، وتم توسيعها عام 2006 بعد حرب إسرائيل مع حزب الله.
الموقف الأميركي: دعم مشروط وانتقاد حاد
أعلن المبعوث الأميركي إلى لبنان توم باراك أن بلاده ستدعم قرار التمديد، لكنه شدد على أن اليونيفيل ليست الحل للأزمة الأمنية.
وقال للصحفيين في بيروت: “مليار دولار سنويًا، و22 عامًا من المناصرة، وأنتم في مستنقع. لم يُطلقوا رصاصة واحدة. أنتم في مأزق أسوأ من أي وقت مضى مع إسرائيل وحزب الله… جوابكم هو الجيش اللبناني، وليس اليونيفيل”.
هذا الموقف يترجم قناعة واشنطن بأن معالجة التحديات الأمنية في الجنوب لا يمكن أن تتم إلا عبر المؤسسات اللبنانية الرسمية، خصوصًا الجيش، لا عبر قوة دولية تقتصر مهامها على المراقبة.
تحذيرات من فراغ أمني
في المقابل، حذرت قيادة اليونيفيل من أن الانسحاب قد يترك فراغًا أمنيًا خطيرًا.
وقال المتحدث باسمها، أندريا تيننتي، إن إنهاء المهمة من دون بدائل واضحة قد يعرض الاستقرار في المنطقة للخطر، مشيرًا إلى أن وجود القوة ساهم في الحد من التصعيد رغم استمرار الخروقات.
والنص المقترح يدعو المجتمع الدولي إلى تكثيف دعمه للجيش اللبناني عبر التمويل والتسليح، في محاولة لتمكينه من فرض سيطرة الدولة على الجنوب.
كما يكلف الحكومة اللبنانية بسط سلطتها على كامل الأراضي، في مواجهة نفوذ حزب الله الذي يعد القوة الفعلية في الجنوب.
هذا التطور يتقاطع مع قرار مجلس الوزراء اللبناني الأخير تكليف الجيش بوضع خطة لنزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام. إلا أن هذه الخطوة تواجه معارضة شديدة من الحزب، الذي يعتبر سلاحه “جزءًا من معادلة الردع مع إسرائيل”، فيما يرى خصومه أنه العقبة الأساسية أمام سيادة الدولة واستقرارها.
الموقف الإسرائيلي
من جانبها، أبدت إسرائيل استعدادًا لتقليص وجودها العسكري تدريجيًا في جنوب لبنان “كإجراء متبادل”، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وأكدت إسرائيل أنها تدعم الجهود الرامية إلى نزع سلاح حزب الله، لكنها واصلت غاراتها الجوية على الأراضي اللبنانية بدعوى خرق اتفاق وقف إطلاق النار.
ويطالب النص الأممي إسرائيل بالانسحاب من المواقع الخمسة التي لا تزال تسيطر عليها شمال الخط الأزرق، وبإزالة المناطق العازلة، وهي نقاط طالما اعتبرها لبنان خرقًا للسيادة.
وقد أنشئت قوة اليونيفيل عام 1978 لمراقبة انسحاب إسرائيل من لبنان.
وبعد حرب يوليو/تموز 2006 بين إسرائيل وحزب الله، توسعت مهمتها لتشمل مراقبة وقف إطلاق النار ودعم الجيش اللبناني في الجنوب. ورغم وجودها الكبير، بقيت حدود الجنوب عرضة لخروقات متكررة من الجانبين.
سيناريوهات ما بعد التصويت
في حال التمديد: ستبقى اليونيفيل حتى نهاية 2026، مع بدء خطة انسحاب تدريجية، ما يفتح الباب أمام مرحلة انتقالية حساسة.
وفي حال عدم التمديد: قد يترك الانسحاب المبكر فراغًا أمنيًا يفاقم التوترات على الحدود، ويضع الجيش اللبناني أمام اختبار صعب في ظل ضعف إمكاناته.
وعليه فإن تصويت مجلس الأمن على تفويض اليونيفيل يمثل لحظة فاصلة في علاقة لبنان بالأمم المتحدة وبالأطراف الدولية. وبينما تسعى واشنطن وحلفاؤها إلى تعزيز دور الجيش اللبناني كبديل للقوة الدولية، يخشى كثيرون أن يؤدي الانسحاب إلى إشعال مواجهة جديدة بين إسرائيل وحزب الله.
ومع تصاعد الضغوط السياسية والانقسامات الداخلية، يبقى الجنوب اللبناني ساحة مفتوحة على احتمالات معقدة، قد تحدد ملامح الاستقرار في لبنان والمنطقة خلال السنوات المقبلة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.