بلومبيرغ: تسارع وتيرة الاقتراض السعودي لتمويل خطط التحول الاقتصادي

كشفت وكالة بلومبيرغ أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) كلف مجموعة من البنوك العالمية بترتيب أول إصدار للسندات الخضراء المقومة باليورو، في خطوة تعكس اتساع نطاق الاقتراض الحكومي وشبه الحكومي في المملكة لتمويل خطط التحول الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل.

ووفق مصادر مطلعة نقلتها بلومبيرغ، يخطط الصندوق لطرح سندات على شريحتين بآجال استحقاق ثلاث وسبع سنوات، لتكون هذه المرة الأولى التي يصدر فيها سندات باليورو، والأولى من نوعها كـ«سندات خضراء» هذا العام.

وسيعقب الطرح جولات ترويجية مع المستثمرين الأوروبيين تمهيداً لتحديد حجم الإصدار وسعر الفائدة النهائي.

ويأتي هذا التحرك بعد أسابيع من إصدار الصندوق سندات مقومة بالدولار بقيمة ملياري دولار، إلى جانب صفقة استحواذ ضخمة بالاقتراض على شركة الألعاب الأميركية Electronic Arts Inc. بالشراكة مع شركتي Silver Lake Management وAffinity Partners، وُصفت بأنها أكبر صفقة شراء بالرافعة المالية في التاريخ.

تنويع مصادر التمويل لدعم “رؤية 2030”

يُعدّ صندوق الاستثمارات العامة الذراع المالي والاستثماري الرئيس لتنفيذ أجندة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في “رؤية 2030”، ويواصل الصندوق توسيع قنوات التمويل عبر إصدارات السندات، وبرامج الأوراق التجارية، وبيع حصص في شركاته المحلية بهدف تعزيز السيولة ودعم الاستثمارات الضخمة.

كما يعمل الصندوق على إدراج شركات تابعة له في سوق الأسهم السعودية، مثل مشروعات نيوم، والقدية، والبحر الأحمر، وهو ما يسهم في توليد موارد مالية إضافية مع الحفاظ على الملكية الاستراتيجية في المشاريع طويلة الأجل.

وتشير بلومبيرغ إلى أن الصندوق يستعد للإعلان عن خطة استثمارية طويلة المدى تستهدف رفع العوائد وتعزيز المساهمة في الناتج المحلي.

ارتفاع الاقتراض العام والخاص

لا يقتصر التوسع في الاقتراض على الصندوق السيادي فحسب، إذ أصدرت الحكومة السعودية هذا العام سندات مقومة بالدولار واليورو تتجاوز قيمتها 20 مليار دولار، ما يضع المملكة على طريق تحقيق رقم قياسي في حجم الإصدارات لتصبح من بين أكثر المقترضين نشاطاً في الأسواق الناشئة.

وفي السياق ذاته، تسارع البنوك المحلية إلى الاقتراض الدولي فيما تلجأ الشركات الكبرى إلى القروض المجمعة (Syndicated Loans)، لتلبية احتياجات تمويل المشاريع العقارية والصناعية والبنية التحتية.

وتزامن هذا الاندفاع نحو الاقتراض مع انخفاض أسعار النفط التي قلّصت إيرادات الدولة ورفعت التوقعات بتسجيل عجز في الموازنة أكبر من المتوقع لعام 2025.

ورغم استمرار الإنفاق الحكومي الكبير على المشاريع الاستراتيجية، يواجه صانع القرار معادلة صعبة بين الحفاظ على زخم التحول الاقتصادي وضبط مستويات الدين العام.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يستمر صندوق الاستثمارات العامة في ضخ ما لا يقل عن 40 مليار دولار سنوياً في الاستثمارات المحلية، الأمر الذي يعزز الطلب على التمويل طويل الأجل، سواء من الأسواق المحلية أو الدولية.

البنوك المنسقة للطرح

عيّن الصندوق كلاً من كريديه أغريكول وجي بي مورغان تشيس وسوسيتيه جنرال كمنسقين عالميين مشتركين لترتيب الإصدار المرتقب، مع تنظيم مؤتمرات اتصال افتراضية مع كبار المستثمرين اليوم لشرح هيكل السندات وأهدافها.

ومن المتوقع أن يُنظر إلى الإصدار الجديد باعتباره اختباراً لشهية المستثمرين الأوروبيين تجاه أدوات الدين السعودية، خاصة في فئة “التمويل الأخضر” التي تشهد نمواً متسارعاً عالمياً.

ويرى محللون ماليون أن الاقتراض المتزايد للمملكة يعكس طموحها في تسريع تنفيذ مشاريع “رؤية 2030” العملاقة، إلا أنه يثير في الوقت نفسه تساؤلات حول استدامة الدين العام ومستوى الاعتماد المتزايد على أدوات الدين لتغطية الالتزامات الاستثمارية.

ومع ذلك، يوضح الخبراء أن السندات السعودية – سواء الحكومية أو الصادرة عن الكيانات السيادية – ما زالت تحظى بتصنيفات ائتمانية قوية وثقة عالية في الأسواق الدولية، مدعومة بالاحتياطيات الضخمة من النقد الأجنبي وقدرة الدولة على السداد.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.