ذكرت وكالة بلومبيرغ الأمريكية أن انخفاض أسعار النفط بأكثر من 10% منذ بداية العام الجاري دفع المملكة العربية السعودية إلى تأجيل وتقليص عدد من المشاريع العملاقة التي تشكّل ركائز أساسية في خطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للتحول الاقتصادي، المعروفة باسم “رؤية 2030”.
ونقلت الوكالة عن مصادر مطلعة أن الحكومة السعودية وجّهت بعض الهيئات والصناديق المرتبطة بها إلى إعادة جدولة الإنفاق الرأسمالي وتحديد الأولويات بين المشاريع الجارية، في ظل تراجع الإيرادات النفطية وزيادة الضغوط المالية على الموازنة العامة.
وأوضحت المصادر أن المشروعات المتأثرة تشمل بعض المبادرات الكبرى في مجالات البنية التحتية والسياحة والمدن المستقبلية، مثل توسعة مراحل تنفيذ مشروع نيوم، إضافة إلى مراجعة جدول التمويل لمشروعات في البحر الأحمر والعلا والقدية.
وقالت بلومبيرغ إن هذه الخطوات تعكس التحديات التي تواجهها المملكة في الموازنة بين طموحاتها التنموية الضخمة وبين الاعتماد المستمر على العائدات النفطية كمصدر رئيسي للدخل، رغم جهود تنويع الاقتصاد.
وأضافت أن تراجع الأسعار العالمية للنفط، الذي يُباع خام برنت حالياً بنحو 77 دولاراً للبرميل، مقارنةً بأكثر من 90 دولاراً في العام الماضي، أدى إلى انخفاض الإيرادات الحكومية بشكل ملحوظ.
وبحسب محللين، فإن الإنفاق السخي على المشروعات الكبرى كان أحد محركات الاقتصاد السعودي خلال السنوات الأخيرة، لكنه في الوقت نفسه زاد من الاعتماد على الاحتياطيات المالية وصندوق الاستثمارات العامة الذي موّل جانباً كبيراً من تلك المشاريع.
وأشار التقرير إلى أن المملكة قد تعيد تقييم وتيرة تنفيذ المشاريع الكبرى بهدف التركيز على القطاعات التي تحقق عوائد أسرع أو التي تسهم مباشرة في زيادة فرص العمل وتنمية القطاع الخاص، مثل الصناعة والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية.
وتواجه السعودية أيضاً ارتفاعاً في العجز المالي بعد تسجيل فائض محدود العام الماضي، إذ تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الموازنة السعودية تحتاج إلى سعر نفط يتجاوز 86 دولاراً للبرميل لتحقيق التوازن.
وبحسب بلومبيرغ، فإن تأجيل بعض المشاريع لا يعني بالضرورة التخلي عنها، بل توزيعها على مدى زمني أطول لتخفيف الضغط على التمويل العام، خصوصاً في ظل التزامات مالية ضخمة تشمل مشاريع الطاقة المتجددة والبنية التحتية والنقل.
كما لفت التقرير إلى أن المملكة تواصل رغم ذلك استثماراتها في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة لجذب رؤوس الأموال الأجنبية وتعزيز مكانتها كمركز اقتصادي إقليمي.
إلا أن الخبراء يحذرون من أن أي تراجع في وتيرة تنفيذ “رؤية 2030” قد يؤثر على ثقة المستثمرين الأجانب وعلى صورة السعودية كمحرك رئيسي للتحول الاقتصادي في المنطقة.
وختمت بلومبيرغ تقريرها بالقول إن التقلبات في أسعار النفط تذكّر الرياض بأن تنويع مصادر الدخل لا يزال هدفاً بعيد المنال، وأن التحدي الأكبر لولي العهد يتمثل في الحفاظ على الزخم الاقتصادي وسط بيئة مالية عالمية مضطربة وأسواق طاقة غير مستقرة.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73032