قرّرت شركة أرامكو السعودية تعليق ثلاث خطط رئيسية لتوسيع أنشطتها في مجال الكيماويات، في خطوة تعكس ضغوط انخفاض أسعار النفط وتراجع الإنفاق المحلي، مقابل تركيز متزايد على الاستثمارات الخارجية، خاصة في الأسواق الآسيوية، بحسب مصادر مطلعة تحدثت إلى وكالة بلومبيرغ.
وقالت المصادر إن الشركة أوقفت بدء أعمال التصميم والهندسة الأساسية لعدد من المشاريع الكبرى، بينها مشروعان في ينبع على ساحل البحر الأحمر، ومنشأة ثالثة في الجبيل على الخليج العربي، بهدف «توزيع الإنفاق وتأجيل الالتزامات» في ظل ضعف التدفقات النقدية.
ورفضت أرامكو التعليق رسميًا، لكنّ الخطوة تأتي في إطار مراجعة شاملة لأولويات الاستثمار بعد سلسلة من التراجعات في أسعار النفط العالمية.
وتعد هذه التجميدات أحدث إشارة إلى تباطؤ الإنفاق طويل الأجل في السعودية، حيث تواجه الحكومة والشركة ضغوطًا مالية متزايدة بين التزامات “رؤية 2030” ومشاريع التحول الاقتصادي، ما أجبر الجانبين على زيادة الاقتراض.
وكانت أرامكو قد تحولت العام الماضي إلى مركز مديونية صافٍ بعد أن ظلت لسنوات تتمتع بفائض مالي كبير.
أسعار النفط تضغط على الأرباح
انخفض سعر خام برنت في بورصة لندن بنحو 12% منذ مطلع العام، ليهبط إلى ما دون 66 دولارًا للبرميل، وهو أقل بكثير من السعر التوازني البالغ 94 دولارًا الذي تحتاجه المملكة لتحقيق التوازن في ميزانيتها، بحسب تقديرات “بلومبيرغ إيكونوميكس”.
وأثّر هذا التراجع مباشرة على نتائج أرامكو، التي سجّلت عشرة فصول متتالية من انخفاض الأرباح، لتواجه أكبر ضغوط مالية منذ الطفرة النفطية الأخيرة.
وتقع المشاريع المؤجلة ضمن برنامج أرامكو لتحويل النفط الخام مباشرة إلى منتجات بتروكيماوية عالية القيمة. وكانت الشركة قد أوقفت في وقت سابق مشروعًا ضخمًا مشتركًا مع سابك لبناء مجمع جديد في رأس الخير على الخليج العربي.
ويستهدف هذا النوع من المشاريع خفض الاعتماد على صادرات الوقود التقليدي، وتحقيق قيمة مضافة من المشتقات النفطية، لكنّ ضعف الأسعار وتزايد كلفة التمويل أجّلا التنفيذ.
التحول نحو آسيا ومراكز الطلب
تركّز أرامكو حاليًا على الاستثمار في منشآت التكرير والكيماويات في الخارج، خاصة في الصين وكوريا الجنوبية، لقربها من أكبر مراكز الطلب في العالم.
وترى الشركة أن الأسواق الآسيوية ستظلّ محور النمو العالمي في مجال الكيماويات المستخدمة في الصناعات البلاستيكية والإلكترونيات، حتى مع تراجع الطلب على الوقود الأحفوري في الغرب.
وتهدف أرامكو إلى تحويل 4 ملايين برميل من النفط الخام يوميًا إلى بتروكيماويات خلال العقود المقبلة. ويُتوقع أن يساعد تأجيل المشاريع المحلية على إعادة توزيع النفقات بين الداخل والخارج، في حين لا يُستبعد أن تُلغى بعض المشاريع أو تُستأنف لاحقًا وفق ظروف السوق.
استمرار الإنفاق على النفط والغاز
رغم تباطؤ التوسعات الكيماوية، تواصل أرامكو الإنفاق المكثف على مشاريع إنتاج النفط والغاز. ومن المقرر أن يبدأ حقل الجافورة للغاز الطبيعي – أحد أكبر الحقول غير التقليدية في المنطقة – إنتاجه في مرحلته الأولى قبل نهاية العام.
وتخطط الشركة لإنفاق أكثر من 50 مليار دولار خلال 2025، يذهب معظمها لمشاريع الغاز وأعمال صيانة طاقة الإنتاج النفطية.
وتعمل أرامكو حاليًا على أربعة مشاريع لتحويل الخام إلى كيماويات: اثنان في الصين، وواحد في كوريا الجنوبية، وآخر مشترك مع توتال إنرجيز في السعودية، من المقرر أن تبدأ جميعها خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ويقول محللون إن هذا التحول يعكس «إستراتيجية إعادة تموضع» تهدف إلى تأمين أسواق التصدير المستقبلية وتقليل مخاطر تقلبات الأسعار عبر الدخول في مراحل التصنيع النهائية.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72910