فضيحة دبلوماسية: السفير الإسرائيلي في الإمارات متورط في “سلوك مشين” يحرج أبو ظبي

أثارت حادثة وقعت قبل عدة أشهر في العاصمة الإماراتية أبو ظبي جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والدبلوماسية في إسرائيل، بعد أن كُشف مؤخرًا عن تورط السفير الإسرائيلي لدى الإمارات، يوسي شيلي، في سلوك غير لائق داخل إحدى الحانات، وصفته مصادر متعددة بأنه “مُشين” و”لا يتماشى مع القيم الأخلاقية والسلوكيات المتوقعة من ممثل دبلوماسي”.

 

وبحسب ما نقلته القناة 12 الإسرائيلية في تقرير موسّع، فقد شوهد شيلي، وهو المدير العام السابق لمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ليلة الجمعة في أحد الحانات بمدينة أبو ظبي، وهو يتصرف “بطريقة غير مألوفة”، كما وصف شهود عيان. وأضافت القناة أن تصرفاته تخطت الحدود المقبولة، خاصة فيما يتعلق بـ”المساس بالمساحة الشخصية” للآخرين داخل الحانة، في حضور عدد من الإسرائيليين والإسرائيليات.

 

حادثة قديمة بعواقب جديدة

 

ورغم أن الحادثة تعود إلى عدة أشهر مضت، إلا أن تفاصيلها بدأت تخرج إلى العلن مؤخرًا، بعد أن كشفت القناة “كان 11” مساء أمس أول تقرير حول التوتر المتصاعد بين شيلي والسلطات الإماراتية، نقلاً عن الصحفية إيلا حسون.

 

وأكدت “أخبار 12” أن حراس الأمن الإماراتيين المكلفين بحماية السفير لاحظوا تصرفاته تلك الليلة، وقاموا برفع تقارير مفصلة إلى الجهات الإماراتية المختصة، والتي قامت بدورها بإبلاغ نظرائها الإسرائيليين، سواء عبر القنوات الدبلوماسية الأمنية أو عبر وسطاء غير رسميين.

 

ورغم عدم صدور احتجاج رسمي من الحكومة الإماراتية، فإن مصادر داخل أبو ظبي نقلت امتعاضًا شديدًا من السلوك “غير المنضبط” للسفير، وأكدت أن مثل هذه التصرفات “لا تليق بشخص يمثل العلاقة المتنامية بين البلدين”. وقال مصدر إماراتي مطّلع لقناة “أخبار 12”:

“لو كان هذا الشخص من دولة أخرى، لما سُمح له بالعودة إلى البلاد بعد هذا التصرف”.

 

الخلفية المهنية المليئة بالجدل

 

ليست هذه المرة الأولى التي يثير فيها يوسي شيلي الجدل في المناصب التي شغلها. فعلى الرغم من قربه من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلا أن مسيرته السياسية والدبلوماسية شابها العديد من السقطات، سواء في البرازيل أو حتى في إسرائيل نفسها.

 

ففي وقت سابق، أثار شيلي موجة من الغضب بعد أن قلل من أهمية ضحايا حفلة “نوفا” التي كانت مسرحًا لمجزرة خلال أحداث 7 أكتوبر، قائلاً إن “البحث عن أحياء أو جثث هناك كان يشبه الوقوف في طابور مطعم زبّان، وهناك طابور طويل”، وهو تصريح وصفه معلقون إسرائيليون بأنه “غير إنساني ومهين لضحايا مأساة وطنية”.

 

كما أن حادثة البرازيل لا تزال تلاحقه، حين أُجبر على تبرير صورة طعامه التي أخفى فيها صورة “جراد البحر” أثناء لقاء دبلوماسي مع الرئيس اليميني السابق جايير بولسونارو. وفي تقرير لاحق لصحيفة هآرتس، ظهرت ادعاءات من مواطنة برازيلية اتهمت شيلي بممارسة ضغوط لعقد لقاء خاص مقابل تقديم مساعدة قنصلية، وهي تهمة نفاها بشدة.

 

ويُذكر أيضًا أن شيلي تم إبعاده من الخدمة العامة لمدة ثلاث سنوات عام 2012 بسبب تقديمه إفادة كاذبة، ما ألقى بظلال الشك على نزاهته الإدارية.

 

رد رسمي متأخر وتحفّظ دبلوماسي

 

في أول تعليق علني له بعد انتشار تفاصيل الحادثة الأخيرة، قال شيلي لقناة “أخبار 12”:

“بالفعل تلقيت ملاحظة من ضابط الأمن بخصوص حادثة فُسرت على أنها قلة احترام من قِبل الإماراتيين. كانت مناسبة خاصة لا علاقة لها بعملي كسفير. وبناءً على الطلب الذي وُجّه لي، أخذت الأمر بعين الاعتبار”.

 

ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية تحاول احتواء الفضيحة بهدوء، دون اتخاذ إجراءات علنية قد تُفسر على أنها اعتراف ضمني بالسلوك غير المهني.

 

إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن الملف يخضع حاليًا للمراجعة داخل وزارة الخارجية الإسرائيلية، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الإعلامية والبرلمانية للمطالبة باستدعاء شيلي أو على الأقل فتح تحقيق رسمي في سلوكه.

 

توتر مكتوم بين أبو ظبي وتل أبيب

 

من جهة أخرى، فإن هذا الحادث ألقى بظلاله على العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، التي تمر أصلًا بمرحلة “برود حذر”، بحسب توصيف دبلوماسيين إقليميين، خاصة في ظل التصعيد المستمر في قطاع غزة، وما يتردد عن استياء إماراتي متزايد من أداء حكومة نتنياهو في ملفات متعددة، بينها التصعيد العسكري والسياسة الاستيطانية.

 

ويقول مراقبون إن عدم توجيه احتجاج دبلوماسي رسمي من الإمارات حتى الآن لا يعني تجاهل الحادث، بل يعكس تفضيل أبو ظبي الضغط عبر القنوات الخلفية وعدم تسييس الحدث بشكل علني، منعًا للإضرار بالعلاقات الثنائية التي بُنيت بعناية منذ “اتفاقات أبراهام” عام 2020.

 

أزمة شخصية أم صورة دولة؟

 

مع ازدياد وتيرة الاتهامات الموجهة إلى شيلي، يجد المراقبون أنفسهم أمام سؤال أعمق: هل يمثل هذا الحادث سقطة شخصية فقط، أم أنه يعكس خللاً في عملية اختيار السفراء الإسرائيليين، لا سيما لأولئك الذين يتقلدون مناصب دبلوماسية في دول ذات حساسية سياسية مثل الإمارات؟

 

ويخشى البعض أن تُضعف هذه الحادثة الثقة المتبادلة بين أبو ظبي وتل أبيب، وتُستخدم لاحقًا كذريعة لتقييد بعض الأنشطة الدبلوماسية أو تعليق زيارات متبادلة كانت قيد الإعداد.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.