أفرجت السلطات السعودية عن المواطن الكيني ستيفن عبدالكريم مونياخو بعد أكثر من عقد قضاه في السجن بانتظار تنفيذ حكم الإعدام، إثر إدانته بقتل زميله في العمل عام 2011. وجاء الإفراج عنه بموجب مرسوم قضائي، بعد أن وافقت عائلة الضحية على قبول دية بلغت مليون دولار أميركي، دفعتها الحكومة الكينية بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي.
الإعلان عن إطلاق سراح مونياخو جاء على لسان كورير سينغوي، وكيل وزارة الخارجية الكينية، في منشور عبر منصة X (تويتر سابقًا)، قال فيه إن الرجل حُر بموجب مرسوم قضائي، دون الإفصاح عن تفاصيل إضافية حول آلية تنفيذ القرار أو الترتيبات القانونية المحيطة به.
من الحكم بالإعدام إلى الإفراج… رحلة امتدت 14 عامًا
تعود قضية مونياخو إلى عام 2011 حينما كان يعمل مديرًا لمستودع في أحد المنتجعات السياحية على البحر الأحمر بالسعودية. وكان في أوائل العشرينيات من عمره عندما غادر بلاده سعيًا وراء فرصة عمل، غير أن حياته انقلبت تمامًا إثر تورطه في مشاجرة مع زميل يمني انتهت بوفاة الأخير.
ووفقًا لرواية والدته، الصحفية الكينية البارزة دوروثي كوييو، التي تحدثت لاحقًا لوسائل إعلام من بينها BBC، فإن الخلاف تطور حينما طعن الشاب اليمني مونياخو بمبْرد رسائل، فرد الأخير على الاعتداء باستخدام الأداة نفسها، ما أسفر عن مقتل زميله. وفي البداية، أُدين مونياخو بجريمة القتل الخطأ وصدر بحقه حكم بالسجن خمس سنوات، لكن بعد استئنافٍ قدمته عائلة الضحية، تم تعديل الحكم إلى القتل العمد عام 2014، ما فتح الباب أمام إصدار حكم بالإعدام.
دية بمليون دولار… وتحركات دبلوماسية مكثفة
تُطبّق المملكة العربية السعودية أحكام الشريعة الإسلامية، والتي تتيح لعائلة القتيل قبول الدية كتعويض مالي في مقابل العفو عن القاتل. وبعد سنوات من الجمود، أفضت مفاوضات طويلة ومعقدة بين الجانب الكيني وعائلة الضحية اليمني إلى قبول الدية التي بلغت مليون دولار (ما يعادل 742,000 جنيه إسترليني).
وبحسب تقارير إعلامية كينية، فقد تم تأجيل تنفيذ حكم الإعدام بحق مونياخو في أكثر من مناسبة، نتيجة الضغوط والتحركات التي قادها مسؤولون كينيون، فضلًا عن جهود والدته المستمرة التي لم تتوقف منذ لحظة اعتقاله. ونقلت صحيفة ذا ستار عن كوييو قولها بعد الإفراج: “لقد تدحرجت على الأرض عندما سمعت بالخبر. هذه المرة الأمر حقيقي. السفير في الرياض أكد لي ذلك. هذا الرضا سيلازمني لفترة طويلة”.
مناسك العمرة… ومستقبل غير محدد
ووفقًا لما نشره وكيل وزارة الخارجية الكينية، فقد أدى مونياخو مناسك العمرة في مكة المكرمة عقب الإفراج عنه، في خطوة وصفت بأنها رمزية ومعبّرة بعد سنوات السجن الطويلة والتجربة القاسية التي مرّ بها. غير أنه لم يُعلن بعد عن موعد عودته إلى كينيا أو ما إذا كانت هناك ترتيبات رسمية لاستقباله.
والخبر قوبل بترحيب واسع في الأوساط الكينية، خاصة بين منظمات حقوق الإنسان والإعلاميين الذين تابعوا القضية على مدار سنوات. وتحوّلت قضية مونياخو إلى رمز لحملات العفو عن السجناء في الخارج، لا سيما في بلدان تطبّق عقوبة الإعدام في قضايا القصاص والقتل العمد.
وشكّل تعاون الحكومة الكينية مع رابطة العالم الإسلامي في توفير قيمة الدية مثالًا نادرًا على تضافر الجهود الدبلوماسية والدينية والإنسانية من أجل إنقاذ مواطن من حبل المشنقة، وهو ما أشار إليه مراقبون بوصفه سابقة يمكن البناء عليها في التعامل مع قضايا مشابهة.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72064